إبداء الزينة - ویکی فقه 


إبداء الزينة




إبداء الزينة [تعديل]


أوّلاً ـ التعريف : [تعديل]


لغة: [تعديل]

إبداء الزينة لفظ مركّب .
فالإبداء ـ وزان إفْعال ـ : الإظهار ، من بدا الشيء يبدو إذا ظهر ، فهو بادٍ .
قال ابن فارس : « الباء والدال والواو أصل واحد ، وهو ظهور الشيء » [۱] . وأبدى الأمر : أظهره [۲] ، وكل شيء أظهرته فقد أبديته وبدّيته [۳] . والبداء بمعنى الظهور [۴] كما في قوله تعالى :{فَبَدتْ لَهُما سَوآتُهُما } [۵] .
والزينة : ما يتزيّن به [۶] ، من زان الشيء صاحبه زَيناً من باب سار . والاسم الزينة [۷] .

اصطلاحاً : [تعديل]

۱ ـوالفقهاء استعملوا الإبداء في المعنى اللغوي نفسه ، إلاّ أنّ بعضهم حاول التدقيق في معنى الإبداء بأكثر ممّا هو مذكور في كتب اللغة ؛ إذ أفاد : إنّ الإبداء وإن كان بمعنى الإظهار إلاّ أن الإبداء تارة يستعمل متعلّقاً بشيء ولم يكن متعدّياً لمفعول ثانٍ باللام ، فيكون في مقابل الستر ، أي الإبداء بمعنى تركِ الشيء مكشوفاً . واُخرى يستعمل متعدّياً لمفعول ثانٍ باللام ، فيكون في مقابل الإخفاء بمعنى الإعلام والإراءة [۸] ، أي يكون الإبداء في الحالة الثانية من العناوين القصدية ؛ لاشتماله على قصد الإراءة للغير .
من هنا فرّق هذا المحقّق بين الفقرة الاُولى في قوله تعالى :{ولا يُبْدِينَ زينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها } [۹] ، وبين قوله تعالى في الفقرة الثانية :{ولا يُبْدِينَ زينَتَهُنَّ إلاّ لِبعُولَتِهِنَّ } [۱۰] } ، فأفاد بأنّ المراد بالاُولى النهي عن الإظهار بمعنى لزوم التستّر ، والمراد بالثانية النهي عن الإظهار بمعنى الإراءة .
۲ ـ وقد اُطلق ( إبداء الزينة ) في القرآن الكريم على معنى أخصّ من المعنى اللغوي ؛ فقد قصد به إبداء مواضع الزينة من أعضاء بدن المرأة لا إبداء الزينة ذاتها ، سواء وضعت عليها ما يتزيّن به من الخضاب والحليّ أو خلت من ذلك ، قال تعالى :{ ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ }.
وتبرير هذا الإطلاق إمّا من باب إطلاق الحالّ وإرادة المحلّ ، وإمّا لكونها زينة حقيقةً ؛ وذلك بلحاظ ما تمتاز به المرأة من طبيعة جمالية ، أي إنّها خلقة وتكويناً تمتلك زينة وجمالاً طبيعياً دون الرجل ، وهذه الزينة الطبيعية تشمل أغلب بدن المرأة ، أو قل : كلّ بدن المرأة إلاّ ما استثني كـ العورة ؛ فإنّها ليست زينة ، بل هي ممّا يستقبح ، ولذا اُطلق عليها السوأة .
۳ ـ ثمّ إنّ إرادة مواضع الزينة (= الزينة الحقيقية ) من لفظ ( الزينة ) هل يكون بملاحظة الآية في حدّ نفسها ومع قطع النظر عن الروايات الواردة في تفسيرها ؟ أو بملاحظتها بضميمة تلك الروايات ؟
المعروف بينهم هو الأوّل [۱۱] ، إلاّ أ نّه ذهب البعض إلى الثاني حيث قال : « الظاهر من الآية الكريمة إرادة نفس ما تتزيّن به المرأة ، ويؤيّد ذلك قوله عزّ وجلّ في ذيل الآية :{ ولا يَضْرِبنَ بأرْجُلِهِنَّ ليُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِن زينَتِهِنَّ }؛ فإنّ من الواضح أنّ ضرب الرجل على الأرض لا يوجب العلم بموضع الزينة ، وإنّما الذي يوجبه هو العلم بنفس الزينة من الخلخال وغيره ، فإنّ ضرب الرجل يوجب حركتها وإيجاد الصوت ، فيعلم بها لا محالة » [۱۲] .
۴ ـوالزينة الطبيعية قد تكون ظاهرة كـ الوجه و الكفّين ، وقد تكون باطنة كالفخذين والساقين . كما أنّ الزينة العارضة قد تكون ظاهرة كـ الخاتم و الكحل ، وقد تكون باطنة كـ الخلخال .

ثانياً ـ الألفاظ ذات الصلة: [تعديل]


۱ ـ التبذّل : [تعديل]

وهو ضدّ الصون ، فالمرأة المتبذّلة هي التي لا تحفظ نفسها أمام الأجنبي ، ولا تبالي بما ينافي عفّتها وصونها .

۲ ـ التبرّج : [تعديل]

إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للأجانب [۱۳] .
ونسب التبرّج للمرأة ؛ إمّا لتشبّهها بالثوب المبرَّج ، وهو الذي صوِّرت عليه البروج . وإمّا لظهورها من بُرجها ، أي من قصرها [۱۴] .

۳ ـ الستر والحجاب : [تعديل]

وهو ضدّ إبداء الزينة أو إبداء محلّها من بدن المرأة ويكون النهي عن إبداء الزينة مساوقاً لوجوب سترها وحجبها عن الناظر الأجنبي .
ثالثاً ـ الحكم الإجمالي ومواطن البحث :
ولا يراد هنا التعرّض إلى حكم نفس التزيّن ، فإنّه يرجع فيه إلى محلّه ، وإنّما يراد بيان حكم إبداء الزينة ، ولا شكّ بأنّ الحكم هو حرمة ذلك على المرأة في الجملة ، وقد دلّت النصوص على ذلك ؛ قال تعالى :{ ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ }. وتفصيل ذلك :

أ ـ إبداء الزينة بمعنى محلّها : [تعديل]

يحرم على المرأة إبداء شيء من أعضاء بدنها للأجنبي إلاّ ما يظهر بحسب العادة ، وهو الوجه والكفّان ، بمعنى يجب عليها ستر بدنها عدا الوجه والكفّين ؛ لقوله تعالى :{إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها } [۱۵] ، دون العنق والصدر وسائر بدنها ، قال تعالى :{ وليَضْرِبْنَ بِخُمُرِهنَّ على جيُوبِهِنَّ }(۱۶ ) [۱۶] .( انظر : ستر )
استثناء بعض الموارد من الحرمة :
هناك عدّة موارد لا يحرم على المرأة إبداء زينتها ، وهي :
۱ً ـ يجوز إبداء الزينة للزوج ؛ لقوله تعالى :{ إلاّ لبعُولَتِهِنَّ }فلا يجب على الزوجة التستّر عنه في شيء .
ـ و المحارم كالآباء والأبناء حيث لا يجب عليهنّ ستر ما عدا العورتين ، قال تعالى :{ أو آبائِهِنَّ أو آباء بُعُولَتِهِنَّ أو أبْنائِهِنَّ أو أبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أو إخْوانهنَّ أو بَني إخْوانِهِنَّ أو بني أخَواتِهِنَّ } [۱۷] .
والمراد بالآباء الأب وإن علا ، وبالأبناء الابن وإن سفل .
والأخ أعم من أن يكون من الطرفين ( = الأب والاُمّ ) أو أحدهما ، وبني الإخوة والأخوات وإن سفلوا . واستظهر بعضهم كون المراد الأعم من النسب و الرضاع ؛ للصدق [۱۸] .
وأمّا العمّ والخال فإنّهما وإن لم يُذكرا في الآية إلاّ أنّ الحكم لهما ثابت إجماعاً ، ولعلّ عدم ذكرهما إنّما هو لـ وحدة النسبة بين العمّ وابن الأخ ، وبين الخال وابن الاُخت ؛ فكما يجوز للمرأة إبداء زينتها لابن أخيها وابن اُختها نظراً إلى كونها عمّة أو خالة لهما يجوز لها إبداء زينتها لعمّها وخالها ؛ لوحدة النسبة [۱۹] .
۳ً ـ النساء سواء كنّ حرائر أم إماء ، سواء كنّ مسلمات أم كافرات كما هو المشهور [۲۰] لقوله تعالى :{ أو نِسائِهِنَّ أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنّ } [۲۱] .
نعم ، صرّح بعض الفقهاء بعدم استثناء المرأة اليهودية والنصرانية أو مطلق الكافرة فحكم بالحرمة [۲۲] ، واختار بعضهم الكراهة [۲۳] ؛ لما ورد في الرواية من أنّهنّ يصفن ذلك لأزواجهنّ [۲۴] . في حين حمل بعض الفقهاء هذه الرواية على ا لإرشاد إلى الأمر الأخلاقي والأدبي وهو شدّة التحفّظ عن الكفّار حتى في هذا المقدار [۲۵] .
۴ً ـ الحمقى والأطفال غير المميّزين ؛ لقوله تعالى :{أو التَابعِينَ غَيْرِ اُولي الإرْبَةِ منَ الرجَالِ أو الطفل الذينَ لم يَظْهَرُوا على عَوْراتِ النِساءِ } [۲۶] دون ا لطفل المميّز .
۵ـ القواعد من النساء لا يحرم عليهنّ إبداء ما هو المعتاد من بدنهنّ من كشف بعض الشعر و الذراع ونحو ذلك ، لا مثل الثدي والبطن ونحوهما ممّا يعتاد سترهنّ له ؛ لقوله تعالى :{ والقَواعِد مِنَ النِساءِ اللاّتي لا يَرْجونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَليهِنَّ جُناحٌ أن يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبرّجاتٍ بِزينَةٍ وأنْ يَسْتَعفِفْنَ خيرٌ لَهُنَّ واللّه ُ سميعٌ عليم } [۲۷] .
۶ً ـ وكذلك ترتفع حرمة إبداء الزينة للأجنبي في حالات الضرورة ، كالعلاج و تحمّل الشهادة و الاستنقاذ ، فلا يحرم بذلك على المرأة إبداء شيء من بدنها للأجنبي .( انظر : ستر )

ب ـ إبداء الزينة بمعنى ما تزَيَّنت به المرأة : [تعديل]

۱ ـ وأمّا حكم إبداء المرأة زينتها للأجنبي فهو الحرمة أيضاً ، بمعنى وجوب سترها إلاّ للزوج وسائر من ذكرتهم الآية . ومنه يُعرف حكم إراءتها للغير .
۲ ـ وهل يفرَّق في الزينة بين ما كان على الوجه والكفّين كـ الكحل وخضاب اليد وبين غيرهما كـ القرط و الخلخال أم لا ؟ [۲۸] .
۳ ـ وهل يفرّق في حكم الزينة بين ما كانت بوضع شيء على البدن أو لبسه ، وبين ما كان برفع شيء من البدن كإزالة الشعر الزائد عن الحاجبين وتعديلهما ؟ [۲۹] .
۴ ـ ورد الحثّ [۳۰] للمرأة على التزيّن لزوجها ، بمعنى إبداء الزينة لزوجها ، سيّما في بعض الموارد كـ المرأة المعتدّة حيث صرّح بعض [۳۱] باستحباب ذلك لها .( انظر : عدّة)
۵ ـوتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأحكام المذكورة مع قطع النظر عن الحالات الطارئة ، فمثلاً استثناء الزوج من حرمة إبداء الزينة له إنّما هو بالنظر إلى الإبداء في نفسه ومع قطع النظر عن العناوين الاُخرى كـ الإحرام ، فإنّ المرأة المحرمة لا يجوز لها التزيّن حتى لزوجها.( انظر : زينة )



المراجع [تعديل]

۱. معجم مقاييس اللغة ۱ : ۲۱۲ .
۲. المنجد : ۲۹ .
۳. لسان العرب ۱ : ۳۴۷    .
۴. مستند العروة الوثقى (النكاح) ۱ : ۵۵ .
۵. طه : ۱۲۱
۶. تحرير التنبيه : ۹۷ .
۷. المصباح المنير ۱ : ۲۶۱ .
۸. انظر : مستند العروة الوثقى ( النكاح ) ۱ : ۵۵ .
۹. النور:۳۱
۱۰. النور: ۳۱
۱۱. الحدائق ۲۳ : ۵۳ . مستمسك العروة الوثقى ۱۴ : ۲۷    .
۱۲. مستند العروة الوثقى (النكاح) ۱ : ۵۴ .
۱۳. المصباح المنير : ۴۲ .
۱۴. المفردات : ۱۱۵ .
۱۵.
۱۶. انظر : مستند العروة الوثقى ( النكاح ) ۱ : ۵۵ ـ ۵۶ .
۱۷. .
۱۸. زبدة البيان : ۶۸۷     .
۱۹. مستند العروة الوثقى ( النكاح ) ۱ : ۴۲ ـ ۴۳ .
۲۰. المسالك ۷ : ۴۵     .
۲۱. .
۲۲. جواهر الكلام ۲۹ : ۷۱ ـ ۷۲    .
۲۳. العروة الوثقى ۲ : ۸۰۲ ، م۲۸ .
۲۴. الوسائل ۲۰ : ۱۸۴ ، ب۹۸ من مقدمات النكاح ، ح۱    .
۲۵. مستند العروة الوثقى ( النكاح ) ۱ : ۴۲ .
۲۶. .
۲۷. .
۲۸. تحرير الوسيلة ۲ : ۳۰۲     .
۲۹. المصدر السابق .
۳۰. انظر : الوسائل ۲۲ : ۲۱۷ ، ب ۲۱ من العدد    .
۳۱. انظر : المصدر السابق .



المصدر [تعديل]
الموسوعة الفقهية   





أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار