سنن التكفين
(وسننه) :
(أن يغتسل) الغاسل (قبل) الأخذ في (تكفينه أو يتوضأ) كما في الشرائع وعن النهاية والمبسوط والسرائر والجامع.
[۱] [۲] [۳] [۴] [۵] وليس عليه رواية، وعلّل بتعليلات عليلة معارضة باستحباب تعجيل التجهيز، والصحيحين : «ثم يلبسه أكفانه ثم يغتسل»
[۶] [۷] [۸] [۹] [۱۰] [۱۱] ونحوه المروي في الخصال.
[۱۲] [۱۳] فإذاً التأخير أولى، وفاقاً لبعض الأصحاب.
[۱۴]
ثم ظاهر المتن ـ كغيره ـ استحباب تقديم غسل المس.
وعن الذكرى أنّ من الأغسال المسنونة الغسل للتكفين.
[۱۵] وعن النزهة
أنّ به رواية
[۱۶] ولم أقف عليها، وليست الصحيح : «الغسل في سبعة عشر موطناً.. وإذا غسلت ميتاً أو كفّنته أو مسسته بعد ما يبرد»
[۱۷] [۱۸] [۱۹] إلّا على تقدير حمل «إذا غسّلت» على إرادة التغسيل، وهو مجاز، مع منافاته السياق، فتدبر.
نعم يستحب غسل اليدين من العاتق قبل التكفين؛ للصحيحين، في أحدهما : «ثمَّ يغسل الذي غسله يده قبل أن يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرّات، ثمَّ إذا كفنه اغتسل».
[۲۰] [۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵]
ودونه غسلهما إلى المرفقين، والرّجلين إلى الركبتين لرواية عمّار.
[۲۶] [۲۷]
(وأن يزاد للرجل) خاصة، كما عن الإصباح والتلخيص والوسيلة،
[۲۸] أو المرأة أيضا، كما هو ظاهر جماعة
[۲۹] [۳۰] [۳۱] (حبرة) كعنبة : ضرب من برود اليمن (يمنية). ويستحب كونها (عبرية) بكسر العين أو فتحها منسوبة إلى العبر : جانب الوادي، أو موضع كما هنا وفي الشرائع والمبسوط والوسيلة والإصباح والنهاية
[۳۲] [۳۳] [۳۴] للرواية : «كفّن رسول اللّه ۹ في ثلاثة أثواب : ثوبين
صحاريين، وثوب يمنية عبري أو أظفار».
[۳۵] [۳۶]
والمستفاد منها ـ كسائر الأخبار ـ كونها أحد الثلاثة كما عن العماني،
[۳۷] لا زائدة كما في المشهور. بل المستفاد من بعض المعتبرة كون الزيادة موافقة للتقية كالحسن أو الصحيح : «كتب أبي في وصيته أن أكفّنه في ثلاثة أثواب : أحدها رداء له حبرة كان يصلّي فيه يوم الجمعة، وثوب آخر، وقميص. فقلت لأبي : ولم تكتب هذا؟ فقال : أخاف أن يغلبك الناس، فإن قالوا : كفّنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل».
[۳۸] [۳۹] [۴۰] [۴۱] ونحوه بعينه الرضوي.
[۴۲] [۴۳]
ويؤيده النهي عن الزيادة على الثلاثة، بل التصريح بأنها بدعة في بعض المعتبرة كالحسن أو الصحيح، وفيه بعد ذكر الثلاثة المفروضة : «وما زاد فهو سنة إلى أن يبلغ خمسة أثواب فما زاد فمبتدع، والعمامة سنّة».
[۴۴] [۴۵] [۴۶]
ولا ريب أن الزائد على الثلاثة الذي هو سنة هو العمامة والخرقة المعبّر عنها بالخامسة.
هذا مع ما في الزيادة من إتلاف المال والإضاعة المنهي عنهما في الشريعة.
إلّا أن الحكم بذلك مشهور بين الطائفة، بل عليه الإجماع عن المعتبر والذكرى والتذكرة،
[۴۷] [۴۸] [۴۹] ويومئ إليه بعض أخبار المسألة.
ففي الخبر عن أبي الحسن الأول ۷ يقول : «إني كفّنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه، وعمامة كانت لعلي بن الحسين ۸، وفي برد اشتريته بأربعين دينارا لو كان اليوم لساوى أربع مائة دينار».
[۵۰] [۵۱] [۵۲] [۵۳]
ولكنه يحتمل التقية، ولا سيّما مع شدتها في زمانه ۷ غاية الشدة. والاحتياط بالترك لعلّه غير بعيد؛ إذ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، فتأمّل.
ويستحب أيضاً أن تكون (غير مطرّزة بالذهب) كما في الشرائع والمبسوط والوسيلة والجامع والمعتبر والنهاية،
[۵۴] [۵۵] [۵۶] [۵۷] [۵۸] [۵۹] ولا بالحرير كما عمّا عدا الأول من الكتب المزبورة؛ لأنّه إضاعة للمال منهي عنها في الشريعة مع عدم الرخصة.
(و) أن يراد أيضاً (خرقة لـ) ربط (فخذيه) بلا خلاف؛ للمستفيضة. وطولها ثلاثة أذرع ونصف في عرض شبر كما في المرسل،
[۶۰] [۶۱] [۶۲] ولكن ليس فيه ذكر الطول، أو ونصف كما في الخبر الموثق المتضمن للطول أيضاً.
[۶۳] [۶۴]
ويثفر بها الميت ذكرا أو اُنثى، ويلفّ بالباقي حقويه إلى حيث ينتهي، ثمَّ يدخل طرفها تحت الجزء الذي ينتهي إليه.
سمّيت في عبارات الأصحاب خامسة، نظراً إلى أنها منتهى عدد الكفن الواجب وهو الثلاث، والندب وهو الحبرة والخامسة. وأمّا العمامة فلا تعدّ من أجزاء الكفن اصطلاحاً وإن استحبت، ويشهد به بعض المعتبرة الآتية. لكن المستفاد من الصحيح وغيره
[۶۵] [۶۶] [۶۷] كونها منها. وكونها من المندوب دون المفروض ـ كما عن الشهيد
[۶۸] ـ طريق الجمع. وتظهر الثمرة في الدخول والخروج بنذر الكفن المندوب، فيأتي بها على الأوّل دون الثاني.
(وعمامة) للرجل إجماعاً؛ للمستفيضة منها الصحيح : فالعمامة للميت من الكفن؟ قال : «لا، إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب» ثمَّ قال : «العمامة سنّة» وقال : «أمر النبي ۹ بالعمامة وعمّم النبي ۹».
[۶۹] [۷۰] [۷۱]
ونحوه الحسن : «وعمّمه بعد عمامة، وليس تعدّ العمامة من الكفن».
[۷۲] [۷۳] [۷۴] [۷۵]
وقدرها طولاً ما يؤدي هيئتها المطلوبة المشهورة بأن يشتمل على ما (تثني به محنّكاً، ويخرج طرفا العمامة من الحنك، ويلقيان على صدره) للمرسل : «ثمَّ يعمم ويؤخذ وسط العمامة، فيثنى على رأسه بالتدوير، ثمَّ يلقى فضل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ويمدّ على صدره»
[۷۶] [۷۷] [۷۸] ونحوه الرضوي.
[۷۹] [۸۰]
وعرضاً ما يصدق عليه معه اسم العمامة.
وقد دلّ على استحباب التحنك ـ مضافاً إلى الإجماع المحكي
[۸۱] ـ خصوص المرسل لابن أبي عمير : في العمامة للميت، قال : «حنّكة».
[۸۲] [۸۳] [۸۴]
وقد ورد بالكيفية أخبار اُخر،
[۸۵] [۸۶] [۸۷] إلّا أن الأول أشهر.
(و) أن (يكون الكفن قطناً) وفاقاً للأكثر، بل عليه الإجماع عن التذكرة ونهاية الإحكام والمعتبر؛
[۸۸] [۸۹] [۹۰] للخبر : «الكتان كان لبني إسرائيل يكفّنون به، والقطن لاُمة محمّد ۹».
[۹۱] [۹۲] [۹۳] [۹۴] [۹۵]
وأن يكون أبيض بلا خلاف كما عن الخلاف،
[۹۶] بل إجماعاً كما عن نهاية الإحكام والمعتبر
[۹۷] [۹۸] للخبرين أحدهما الموثق : «البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر، وكفّنوا فيه موتاكم».
[۹۹] [۱۰۰] [۱۰۱]
ويستثنى منه الحبرة للمعتبرة.
[۱۰۲] [۱۰۳]
(و) أن (يطيّب) الكفن (بالذريرة) إجماعاً من أهل العلم كافة كما عن المعتبر
[۱۰۴] للمعتبرة منها الموثق : «إذا كفّنت الميت فذر على كل ثوب شيئاً
من ذريرة وكافور».
[۱۰۵] [۱۰۶] [۱۰۷]
وفي آخر : «يطرح على كفنه ذريرة».
[۱۰۸] [۱۰۹]
قيل : والظاهر أن المراد بها طيب خاص معروف بهذا الاسم الآن في بغداد وما والاها.
[۱۱۰]
وعن الشيخ في التبيان : أنها فتات قصب الطيب وهو قصب يجاء به من الهند كأنه قصب النشّاب.
[۱۱۱] وفي المبسوط : يعرف بالقمّحة بضم القاف وتشديد الميم المفتوحة والحاء المهملة.
[۱۱۲]
(و) أن (يكتب) بالتربة الحسينية ـ على مشرّفها أفضل صلاة وسلام وتحية ـ إن وجدت، كما عن الشيخين وسائر متأخري الأصحاب؛
[۱۱۳] [۱۱۴] [۱۱۵] [۱۱۶] للتبرك، والجمع بين وظيفتي الكتابة والتجاء الميت بالتربة، المستفاد كلتاهما من الرواية المروية في احتجاج الطبرسي في التوقيعات الخارجة عن الناحية المقدسة في أجوبة مسائل الحميري : إنه سأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره، هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب : «يوضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إن شاء اللّه» وسأل فقال : روي لنا عن الصادق ۷ أنه كتب على إزار إسماعيل ابنه : «إسماعيل يشهد أن لا إله إلّا اللّه» فهل يجوز لنا أن نكتب مثل ذلك بطين
القبر؟ فقال : «يجوز والحمد للّه تعالى».
[۱۱۷] [۱۱۸] [۱۱۹]
ويشترط التأثير ببلّها بالماء؛ عملاً بظاهر الكتابة، كما عن السرائر والمختلف والمنتهى والذكرى والمفيد في الرسالة.
[۱۲۰] [۱۲۱] [۱۲۲] [۱۲۳] [۱۲۴] وعليه يحمل إطلاق الأكثر.
فإن فقدت فبالإصبع، كما عن المشهور.
[۱۲۵] وعن الاقتصاد والمصباح ومختصره والمراسم
[۱۲۶] [۱۲۷] [۱۲۸] التخيير من دون شرط الفقد.
والأولى بعد الفقد الكتابة بالماء والطين المطلق؛ تحصيلاً لظاهر الكتابة كما عن الإسكافي وعزّية المفيد وكتب الشهيد.
[۱۲۹] [۱۳۰] [۱۳۱] [۱۳۲] فإن لم يتيسر فبالإصبع وإن لم تؤثر. واعتبار التأثير بنحو الماء حسن؛ تحصيلاً لما يقرب من ظاهر الكتابة مهما أمكن.
والمستفاد من الرواية المتقدمة كون الكتابة على الإزار خاصة، وفي غيرها على حاشية الكفن،
[۱۳۳] [۱۳۴] [۱۳۵] [۱۳۶] واستحبها الأصحاب كما زاد (على) المكتوب في الرواية في (الحبرة والقميص واللفافة والجريدتين) ولا بأس به؛ لكونه خيراً محضاً، وانفتاح باب الجواز مع أصالته، ودعوى الإجماع عليه في الخلاف؛
[۱۳۷] مضافاً إلى ما سيأتي من الأخبار المؤيدة.
وصورة الكتابة (فلان) كما في الرواية وكلام جماعة،
[۱۳۸] [۱۳۹] [۱۴۰] [۱۴۱] وعن سلّار بزيادة ابن فلان
[۱۴۲] (يشهد أن لا إله إلّا اللّه) وعن المبسوط والنهاية والمهذّب
[۱۴۳] [۱۴۴] [۱۴۵] بزيادة وحده. لا شريك له، ويشهد أنّ محمّدا رسول اللّه، والإقرار بالأئمة : أنهم أئمته، ويسمّيهم واحداً بعد واحد.
وعن كتب الشيخ والوسيلة والمهذّب والغنية وجماعة : الاكتفاء بكتابة أساميهم الشريفة وإن خلت عن الشهادة بهم
[۱۴۶] [۱۴۷] [۱۴۸] [۱۴۹] [۱۵۰] [۱۵۱] [۱۵۲] [۱۵۳] للبركة.
وربما يزاد في الكتابة بمثل الجوشن الكبير؛ للرواية عن السجاد المروية في جنة الأمان للكفعمي.
[۱۵۴] [۱۵۵] والقرآن بتمامه أو بعض آياته للمروي في العيون : أنّ مولانا الكاظم ۷ كفّن بكفن فيه حبرة استعملت له يبلغ ألفين وخمسمائة دينار كان معها القرآن كلّه
[۱۵۶] [۱۵۷] فتأمل.
وعن كتاب الغيبة لشيخ الطائفة عن أبي الحسن القمي : أنه دخل على أبي جعفر محمّد بن عثمان العمروي ـ رضي اللّه عنه ـ وهو أحد النواب الأربعة لخاتم الأئمة، فوجده وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها آيات من القرآن وأسماء الأئمة : على حواشيها، فقلت : يا سيّدي ما هذه الساجة؟ فقال : لقبري تكون فيه وأو ضع عليها أو قال أسند إليها، وفرغت منه، وأنا في
كل يوم أنزل إليه
[114] أجزاء من القرآن الحديث.
[۱۵۸] [۱۵۹]
وهذه الروايات وإن قصرت أسانيدها إلّا أنه لا بأس بالمصير إليها استشفاعاً بما فيها.
وتوهّم الاستخفاف مدفوع بما تقدّم من أدلة جواز الشهادتين وأسامي الأئمة :، فجواز الغير بطريق أولى.
ومنه يظهر جواز الاستشفاع بكتابة كل ما يستحسن عقلاً مع عدم المنع عنه شرعاً وإن لم يكن بخصوصه منصوصا ـ كالجوشن الصغير وكلمات الفرج ونحو ذلك ـ ما لم يحكم بكونه مستحباً شرعاً. مع احتمال الجواز مطلقا وإن ادّعى الاستحباب شرعاً؛ لكونه من الاحتياط المأمور به نصّا والمندوب إليه عقلا. فتأمّل جدّاً.
(و) أن (يجعل بين أليتيه) قطن على فرجيه للخبر : «واعمد إلى قطن فذر عليه شيئا من حنوط وضعه على فرجيه قبل ودبر».
[۱۶۰] [۱۶۱] [۱۶۲]
وحكي عن المقنعة والمبسوط والمراسم والوسيلة والمصباح ومختصره والإصباح والتحرير والنهاية.
[۱۶۳] [۱۶۴] [۱۶۵] [۱۶۶] [۱۶۷] [۱۶۸] [۱۶۹]
وفي آخر : «فتجعل على مقعدته شيئا من القطن وذريرة».
[۱۷۰] [۱۷۱]
وبه أفتى في المقنع والسرائر،
[۱۷۲] [۱۷۳] وهو ظاهر المتن والشرائع،
[۱۷۴] ويحتملان الأوّل أيضا خصوصا في المرأة.
واقتصر في الفقيه على وضعه على القبل وزاد حشوه في الدبر.
[۱۷۵]
ثمَّ إن خاف خروج شيء حشا دبره بالقطن، كما عن الفقيه والكافي والخلاف والمعتبر والجامع والنهاية والمبسوط والوسيلة.
[۱۷۶] [۱۷۷] [۱۷۸] [۱۷۹] [۱۸۰] [۱۸۱] [۱۸۲] [۱۸۳] لكنهم لم يشترطوا خوف خروج شيء، غير أنّ كلامي الخلاف والجامع يعطيانه ككلام الإسكافي.
[۱۸۴]
والمستند فيه ـ بعد الإجماع المحكي عن الخلاف ـ المرسل المضمر المرفوع : «ويضع لها القطن أكثر ممّا يضع للرجال ويحشى القبل والدبر بالقطن والحنوط» (۶).
ونحوه المرسل الآخر : «واحش القطن في دبره لئلّا يخرج منه شيء».
[۱۸۵] [۱۸۶] [۱۸۷]
ومقتضى التعليل الإشعار باختصاص الاستحباب باحتمال خروج شيء منه ولعلّه المراد من المرسل المتقدم كالخبر : «وتدخل في مقعدته من القطن ما دخل».
[۱۸۸] [۱۸۹]
مع أنه مقتضى الجمع بين هذه الأخبار وما دلّ على أنّ حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حيا.
[۱۹۰] [۱۹۱] [۱۹۲] وبظاهره جمد الحلّي فمنع عن الحشو مطلقا.
[۱۹۳] وهو ضعيف جدّا. كتجويز الحشو مطلقا لضعف ما دلّ عليه سندا ودلالة مع عدم جابر أصلاً. ولا يستفاد من الإجماع المحكي
[۱۹۴] سوى صورة خوف الخروج لتعليل الاستحباب في الحكاية بما يشعر باختصاصه بها كالمرسل المتقدم. ولذا صرّح بالشرط في الشرائع والقواعد وحكي عن المنتهى.
[۱۹۵] [۱۹۶] [۱۹۷]
(و) أن (تزاد المرأة لفافة أخرى لثدييها) تلفّان بها وتشدّ إلى ظهرها، كيلا يبدو حجمها ولا يضطربا فينتشر الأكفان لمرفوع سهل المضمر.
[۱۹۸] وعمل به الشيخ وجماعة كالحلّي والقاضي وابن سعيد والمحقّق وابن حمزة.
[۱۹۹] [۲۰۰] [۲۰۱] [۲۰۲] [۲۰۳] [۲۰۴]
ولا ضير في قصور السند؛ للانجبار بفتاوى هؤلاء الأخيار. ولولاه لأشكل العمل به لضعفه، وعدم جواز المسامحة في مثله لاستلزامه تضييع المال المحرّم.
(و) تزاد أيضاً (نمطاً) كما في الشرائع وعن الكامل والمهذّب،
[۲۰۵] [۲۰۶] [۲۰۷] أو لفافة مخيراً بينهما كما عن المقنعة والنهاية.
[۲۰۸] [۲۰۹] وعن المبسوط والخلاف والمراسم والوسيلة : الاقتصار على اللفافة من دون ذكر النمط
[۲۱۰] [۲۱۱] [۲۱۲] [۲۱۳] ولعلّه لعدم
الدليل عليه من الأخبار، فلا حاجة بنا إلى ذكر تفسيره ومعناه.
والمستند في زيادة اللفافة هنا الصحيح : «يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة : درع، ومنطق، وخمار، ولفافتين»
[۲۱۴] [۲۱۵] [۲۱۶] بناء على كون إحدى اللفافتين المفروضة والاُخرى مستحبة. وجعلهما مفروضتين لا يتم إلّا بتقدير جعل المنطق لفافة الثديين كما توهّمه بعض الأصحاب.
[۲۱۷] [۲۱۸] وهو فاسد؛ لعدم المناسبة لها بالمعنى اللغوي. ولذا فهم منه المئزر شيخنا الشهيد في الذكرى وشيخنا البهائي وغيرهما من المحقّقين.
[۲۱۹] [۲۲۰] [۲۲۱] مضافاً إلى تأيد ما ذكرنا بما مرّ من تعيّن المئزر كما هو الأشهر الأظهر.
وبهذا الخبر يخصّ ما دلّ على المنع عن الزائد على خمس قطع؛
[۲۲۲] لصحة السند، والاعتضاد بعمل الأصحاب، ولم أقف على رادّ له في الباب.
فينتهي لفائفها حينئذ إلى ثلاث كما عن المشهور،
[۲۲۳] بناءً على استحباب الحبرة أو ما يقوم مقامها لها. أو ثنتين، بناء على عدمه كما هو الأحوط لعدم الدليل المعتد به من أصلها عليها. نعم : لو قيل باستحبابها للرجل أمكن زيادتها هنا لها أيضا للمرسل المرفوع : كيف تكفّن المرأة؟ فقال : «كما يكفّن الرجل غير أنها تشدّ على ثدييها خرقة» الخبر.
[۲۲۴] وضعفه بالشهرة منجبر.
ويؤيده المرسل : «الكفن فريضة للرجال ثلاثة أثواب، والعمامة والخرقة سنّة، وأما النساء ففريضته خمسة أثواب».
[۲۲۵] [۲۲۶]
وقد عرفت الإشكال في الثبوت للرجل. وعلى تقديره يشكل الاستدلال للشركة هنا بمثل المرسلتين؛ لقصور دلالة الاُولى باحتمال إرادة التشبيه في الكيفية، أو القَطع المفروضة والمستحبة الوفاقية خاصة ومتروكية ظاهر الثانية، مع احتمال أن يراد منها ما في الخبر : في كم تكفّن المرأة؟ قال : «تكفن في خمسة أثواب أحدها الخمار».
[۲۲۷] [۲۲۸] [۲۲۹]
وكيف كان : فلا ريب في كون الاحتياط في الاقتصار على اللفافتين، بل الواحدة لأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، فتأمل.
(وتبدل) المرأة (بالعمامة قناعاً) كما في الشرائع والقواعد والجامع،
[۲۳۰] [۲۳۱] [۲۳۲] ولعلّه المشهور؛ للصحيح المتقدم قريباً المتضمن للخمار، سمّي به لتخميره الرأس ويدل عليه غيره.
(و) أن (يسحق الكافور باليد) ذكره الشيخان وأتباعهما؛
[۲۳۳] [۲۳۴] [۲۳۵] [۲۳۶] [۲۳۷] ودليله غير واضح، إلّا أنه لا بأس به. وعن المبسوط : كراهة سحقه بحجر أو غير ذلك.
[۲۳۸]
(وإن فضل) شيء من الحنوط (عن المساجد) والمواضع التي استحب تحنيطها (ألقى على صدره) للرضوي : «فإذا فرغت من كفنه حنّطه بوزن ثلاثة عشر درهماً وثلث من الكافور، وتبدأ بجبهته، وتمسح مفاصله كلّها به، وتلقي ما بقي على صدره وفي وسط راحته» إلى آخره.
[۲۳۹] [۲۴۰]
ويؤيده الحسن : «إذا أردت أن تحنط الميت فاعمد إلى الكافور، فامسح
به آثار السجود منه ومفاصله كلّها ورأسه ولحيته وعلى صدره من الحنوط».
[۲۴۱] [۲۴۲] [۲۴۳] [۲۴۴] ونحوه غيره.
[۲۴۵] [۲۴۶] [۲۴۷]
(وأن يكون) أقل كافور الحنوط خاصة على المشهور الظاهر من بعض الأخبار غاية الظهور، كالرضوي المتقدم، والمرفوع : «السنّة في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث» الخبر.
[۲۴۸] [۲۴۹] خلافاً لنادر من متأخري المتأخرين، فجعل المقادير له مع الغسل؛
[۲۵۰] لإطلاق الأخبار. وهو محمول على المقيد منها.
(درهماً) كما في الشرائع وعن النهاية والمبسوط والجمل والعقود والمصباح ومختصره والوسيلة والسرائر والجامع والمعتبر،
[۲۵۱] [۲۵۲] [۲۵۳] [۲۵۴] [۲۵۵] [۲۵۶] [۲۵۷] [۲۵۸] [۲۵۹] وعنه نفي الخلاف عنه المؤذن بالإجماع. ولعلّه الحجة؛ إذ لم أقف له على رواية.
وعن المقنعة والخلاف والاقتصاد وجمل العلم والعمل والمراسم والكافي والإسكافي وكتب الصدوق : مثقال؛
[۲۶۰] [۲۶۱] [۲۶۲] [۲۶۳] [۲۶۴] [۲۶۵] [۲۶۶] [۲۶۷] [۲۶۸] للمرسل : «أقل ما يجزي من الكافور للميت مثقال»
[۲۶۹] [۲۷۰] [۲۷۱] ونحوه الرضوي في موضع.
[۲۷۲] [۲۷۳] وفي موضع آخر : «مثقال
ونصف».
[۲۷۴] [۲۷۵] ونحوه مرسل آخر.
[۲۷۶] [۲۷۷] ولم أقف على قائل به.
وعن الجعفي : مثقال وثلث.
[۲۷۸] ولم أعثر له على خبر.
ولا بأس بالجميع مع التفاوت في الفضيلة.
(أو أربعة دراهم) أوسطه، كما في الشرائع وعن المقنعة والسرائر والخلاف؛
[۲۷۹] [۲۸۰] [۲۸۱] [۲۸۲] وفيه الإجماع، والمعتبر وفيه نفي الخلاف
[۲۸۳] وهما الحجة كالرضوي : «فإن لم تقدر على هذا المقدار» أي الأكمل الآتي «فأربعة دراهم».
[۲۸۴] [۲۸۵] [۲۸۶]
وعن كتب الصدوق وسائر كتب الشيخ والوسيلة والإصباح والجامع
[202] : أربعة مثاقيل للحسن : «الفضل من الكافور أربعة مثاقيل»
[۲۸۷] [۲۸۸] وفسّرها الحلّي بالدراهم،
[۲۸۹] ولعلّ القرينة عليه الرضوي.
(وأكمله ثلاثة عشر درهماً وثلث) درهم على المشهور للرضوي المتقدم في سحق الكافور مضافاً إلى الأخبار الدالة على أن الحنوط الذي نزل به جبرئيل ۷ للنبي ۹ أربعون درهماً، فقسّمه ثلاثة أقسام : له ۹ ولفاطمة وعلي ۸، فصار سهم كلٍّ
ما ذكر.
[۲۹۰] [۲۹۱]
وعن القاضي إبدال الثلث بالنصف.
[۲۹۲] ولا دليل عليه.
وقصور أسانيد أكثر هذه الأخبار، وضعف دلالة الباقي منها على الوجوب، مع التصريح بالفضل في بعضها، واختلاف الجميع في المقادير قلّةً وكثرة كاختلاف الأصحاب أوضح قرينة على الاستحباب، مضافاً إلى عدم الخلاف في كفاية المسمى، عملاً بإطلاق أكثر أخبار الباب.
(و) أن (يجعل معه) أي الميت مطلقاً (جريدتان) خضراوان، ليتجافي عنه العذاب ما دام الرطوبة فيهما، إجماعاً منّا؛ للنصوص المستفيضة الخاصية والعامية.
ففي الصحيح : أرأيت الميت إذا مات لم تجعل معه الجريدة؟ فقال : «يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطباً، إنّما الحساب والعذاب كلّه في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم، وإنما جعل السعفتان لذلك، فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء اللّه تعالى».
[۲۹۳] [۲۹۴] [۲۹۵] [۲۹۶]
وفي الحسن : لأيّ شيء تكون الجريدة مع الميت؟ قال : «إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة».
[۲۹۷] [۲۹۸] [۲۹۹]
ثمَّ المشهور في المقدار كون طول كل منهما بقدر عظم الذراع؛ للرضوي وفيه : «وروي أن الجريدتين كل واحدة بقدر عظم ذراع».
[۳۰۰] [۳۰۱]
ثمَّ قدر شبر؛ للصحيح الآتي.
ثمَّ أربع أصابع. ولم أعثر فيه على خبر.
وقدّر في خبرين بالذراع.
[۳۰۲] [۳۰۳] [۳۰۴] [۳۰۵] [۳۰۶] ولا بأس بهما وفاقاً للصدوق والذكرى،
[۳۰۷] [۳۰۸] وإن كان المشهور أولى؛ لضعف الخبرين، وعدم جابر لهما في البين.
ونسبة الثلاثة الاُول بالترتيب إلى الشهرة موجودة في الروضة،
[۳۰۹] ولكن المنسوب إليها في كلام جماعة ـ كشيخنا الشهيد في الذكرى ـ هو الأوّل خاصة. فمراعاة الأخير من الثلاثة وندبيتها بالخصوص ـ كما عن العماني
[۳۱۰] ـ مشكلة، سيما مع عدم ما يدل عليه من الرواية.
وتجعل على الأشهر الأظهر (إحداهما من) ترقوة (جانبه الأيسر بين قميصه وإزاره، والاُخرى مع ترقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده) للصحيح أو الحسن المضمر : «إنّ الجريدة قدر شبر، توضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت ممّا يلي الجلد، والاُخرى في الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص».
[۳۱۱] [۳۱۲] [۳۱۳]
خلافاً للجعفي، فإحداهما تحت الإبط الأيمن، والأخرى نصف ممّا يلي الساق ونصف ممّا يلي الفخذ؛
[۳۱۴] لرواية يونس : «تجعل له واحدة بين ركبتيه نصف ممّا يلي الساق ونصف ممّا يلي الفخذ، وتجعل الاُخرى تحت
الإبط الأيمن».
[۳۱۵] [۳۱۶]
وللعماني، فواحدة خاصة تحت إبطه الأيمن.
[۳۱۷] ولا شاهد عليه من الرواية وإن تكثرت بالوحدة، لكنها لبيان المحل له مخالفة.
ففي رواية يحيى بن عبادة : «تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع، فتوضع ـ وأشار بيده ـ من عند ترقوته إلى يده تلفّ مع ثيابه».
[۳۱۸] [۳۱۹] [۳۲۰]
ويحتمل حمل الجريدة فيها على الجنس الشامل للثنتين، فتوافق المشهور في الجملة والخبرين : «يوضع للميت جريدتان، واحدة في الأيمن والاُخرى في الأيسر»
[۳۲۱] [۳۲۲] [۳۲۳] [۳۲۴] [۳۲۵] ويفصّلهما ـ كالرواية الموجهة ـ المضمرة المتقدمة المعتضدة بالشهرة، لا رواية يونس الضعيفة الغير المكافئة لها بالمرة.
وللصدوقين، فتجعل اليمنى مع ترقوته ملصقة بجلده واليسرى عند وركه بين القميص والإزار.
[۳۲۶] [۳۲۷] [۳۲۸]
ولم نقف على مستنده سوى الرضوي : «واجعل معه جريدتين، إحداهما عند ترقوته تلصقها بجلده ثمَّ تمدّ عليه قميصه، والاُخرى عند وركه».
[۳۲۹] [۳۳۰]
وهو وإن اعتبر في نفسه إلّا أنه غير صالح للتعارض للحسن المعتضد بالشهرة.
(و) ينبغي (أن تكونا من) سعف (النخل) لظواهر الأخبار، بل يستفاد من بعضها كون الجريدة حيث تطلق يومئذ حقيقة في المتخذ منه.
(وقيل) والقائل المشهور كما في المدارك
[۳۳۱] (فإن فقد فمن السدر، وإلّا فمن الخلاف، وإلّا فمن غيره من الشجر) الرطب كلّ ما كان للخبر : قلنا له : جعلنا فداك إن لم نقدر على الجريدة؟ فقال : «عود السدر» قيل : وإن لم نقدر على السدر؟ فقال : «عود الخلاف».
[۳۳۲] [۳۳۳] [۳۳۴]
وقيل بعكس الترتيب فيه، كما عن المفيد وسلّار.
[۳۳۵] [۳۳۶] ولم نر عليه شاهداً من الأخبار.
وقيل : كل شجر رطب كان ابتداءً، كما عن الصدوق والجعفي والحلّي؛
[۳۳۷] [۳۳۸] [۳۳۹] للخبرين في أحدهما الحسن : الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل، فهل يجوز مكان الجريدة شيء من الشجر غير النخل؟ فإنّه روي عن آبائكم : : أنه يتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين وأنهما تنفع المؤمن والكافر. فأجاب ۷ : «يجوز من شجر آخر رطب».
[۳۴۰] [۳۴۱] [۳۴۲] [۳۴۳] [۳۴۴]
والجمع بينهما وبين الخبر المتقدم يقتضي المصير إلى المشهور.
ثمَّ لو كان الحال حال تقية وضعها حيث يمكن للمستفيضة، كالمرفوع : ربما حضرني من أخافه فلا يمكن وضع الجريدة على ما رويناه، فقال : «أدخله
حيث أمكن».
[۳۴۵] [۳۴۶] [۳۴۷]
ونحوه في غيره بزيادة : «وإن وضعت في القبر فقد أجزأه».
[۳۴۸] [۳۴۹]
وعليه يحمل الموثق : عن الجريدة توضع في القبر؟ قال : «لا بأس به».
[۳۵۰] [۳۵۱] [۳۵۲] أو على عدم الوضع في المحل بنسيان وغيره. ويؤيده المرسل : مرّ رسول ۹ على قبر يعذّب صاحبه، فدعا بجريدة، فشقها نصفين، فجعل واحدة عند رأسه والاُخرى عند رجليه، وقيل له : في رواية اُخرى : لم وضعتهما؟ فقال : «إنه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين».
[۳۵۳] [۳۵۴]
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل، ج۱، ۳۹۲- ۴۱۲.