الاعتراض(خام) - ویکی فقه 


الاعتراض(خام)


اعتراض‏ أوّلًا- التعريف:
استعمل الاعتراض في اللغة بمعنيين:
۱- المنع وعدم الموافقة، يقال: عرض الشي‏ء يعرض واعترض: أي انتصب ومنع وصار عارضاً، كالخشبة في النهر والطريق ونحوها تمنع السالكين [1]    . ومنه اعتراضات الفقهاء؛ لأنّها تمنع من التمسّك بالدليل [2]    .
وبهذه المناسبة اطلق الاعتراض على نسبة الخطأ إلى شخص في قول أو فعل، وهذا هو الأكثر استعمالًا في اللغة. وفي الاصطلاح كذلك، فقد عُرّف بأنّه: الكلام الذي يراد به إفساد ما استدلّ به الغير أو قال به [3]    ، أو: الاحتجاج وعدم الموافقة على قول أو فعل أو حكم وغير ذلك [4]    .
۲- الظهور، يقال: أعرض الشي‏ء يعرض إذا ظهر [5]    .
ومنه قول الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ أوّل صلاة الفجر اعتراض الفجر في افق المشرق» [6]    ، أي ظهوره وبروزه في الافق، وغيره من الموارد [7]    .
ولا يختلف معناه الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
ثانياً- الألفاظ ذات الصلة:
۱- المناقشة:
وهي الاستقصاء في الأمر والحساب، يقال: ناقشه مناقشة إذا استقصى في حسابه [8]    ، وبملاحظة تعريف الاعتراض يتّضح الفرق بينهما، فإنّ‏
--------------------------------------------------------------------------------
[9]    المستدرك ۹: ۵۷، ب ۱۰۸ من أحكام العشرة، ح ۶.
[10]    المستدرك ۹: ۵۷، ب ۱۰۸ من أحكام العشرة، ح ۸.
[11]    البحار ۷۵: ۲۴۳- ۲۴۴.
[12]    انظر: العين ۱: ۲۷۳. الصحاح ۳: ۱۰۸۴. لسان العرب ۹: ۱۳۹. مجمع البحرين ۲: ۱۱۹۴.
[13]    المصباح المنير: ۴۰۳. مجمع البحرين ۲: ۱۱۹۴. محيط المحيط: ۵۹۰.
[14]    الحدود والحقائق (رسائل الشريف المرتضى) ۲: ۲۶۳.
[15]    معجم ألفاظ الفقه الجعفري: ۶۰. وانظر: معجم لغة الفقهاء: ۷۵.
[16]    النهاية (ابن الأثير) ۳: ۲۱۶. لسان العرب ۹: ۱۳۹.
[17]    المستدرك ۳: ۱۳۸، ب ۲۰ من المواقيت، ح ۲. وانظر: جواهر الكلام ۷: ۱۶۹. العروة الوثقى ۲: ۲۵۳، م ۱. التنقيح في شرح العروة (الصلاة) ۱: ۲۷۷.
[18]    الشرائع ۴: ۱۵۶. جواهر الكلام ۴۱: ۴۲۶. جامع المدارك ۷: ۴۲. تحرير الوسيلة ۲: ۴۱۹، م ۱۰.
[19]    لسان العرب ۱۴: ۲۶۱. مجمع البحرين ۳: ۱۸۲۳.
الاعتراض فيه تخطئة وإفساد لما استدلّ به الغير، بخلاف المناقشة فليست كذلك بالضرورة.
۲- المحاورة:
وهي بمعنى المرادّة في الكلام [20]    ، يقال: حاور محاورة وحواراً أي جاوبه وراجعه الكلام [21]    .
والجواب الذي يكون في الحوار قد يستدعي أحياناً إنكار قول المتكلّم أو منع فعله، وحينئذٍ يجتمع مع الاعتراض، حيث يقال: اعترض عليه إذا أنكر قوله أو فعله» .
۳- الجدال:
وهو بمعنى اشتداد الخصومة والمفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة [22]    . وهو لازم عادةً للاعتراض على الخصم وردّ قوله والغلبة عليه ومنعه وتخطئته فيما يقول.
۴- الجواب:
قد يتضمّن تقرير القول بنحو (نعم) أو إبطاله [23]    . وفي صورة الإبطال يجمع مع الاعتراض، حيث إنّ الإبطال عبارة عن ردّ كلام أو المقابلة بعمل يؤثّر في الطرف وينفذ في قلبه ويخرق مشكله الصعب ويحلّ عقده [24]    .
۵- النقد:
يقال نقد النثر: أظهر ما فيه من عيب أو حسن [25]    ، وإظهار العيب يجتمع مع كلام المنتقد، فإذا قصد بالنقد التخطئة صار من أشكال الاعتراض.
ثالثاً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث:
يختلف حكم الاعتراض باختلاف موارده المتعدّدة، والتي شملت أغلب أبواب الفقه. ويمكن الإشارة لبعضها، والتفصيل موكول إلى محلّه.
۱- الاعتراض بمعنى التخطئة والمنع:
أمّا على المنع والتخطئة وعدم الموافقة الذي هو المعنى الأوّل، وهو الأكثر استعمالًا في الاصطلاح، فللاعتراض موارد وحالات هي:
أ- الاعتراض على من له الولاية العامّة، وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام،
--------------------------------------------------------------------------------
[26]    المفردات: ۲۶۲.
[27]    المنجد: ۱۶۰.
[28]    المعجم الوسيط: ۵۹۴.
[29]    المفردات: ۱۸۹.
[30]    المصباح المنير: ۱۱۳.
[31]    التحقيق في كلمات القرآن ۲: ۱۳۶.
[32]    المعجم الوسيط: ۹۴۴.
بأن يعترض عليهم في أقوالهم أو أفعالهم، وهوغير جائز، فلو تصرّف- مثلًا- في أموال الغنائم بما يراه مناسباً من مصالح المسلمين لم يكن لأحد من الامّة الاعتراض عليه؛ وذلك لعصمته عليه السلام، ولقوله تعالى: «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا» [33]    ، وقوله تعالى: «النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ» [34]    ، وقوله تعالى:
«وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِيناً» [35]    ، وغير ذلك ممّا دلّ على ولايته ولزوم طاعته مطلقاً [36]    . (انظر: أئمّة، آل البيت)
هذا إذا كان من له الولاية العامّة معصوماً. وأمّا إذا لم يكن كذلك- كما لو ثبتت هذه الولاية للفقيه الجامع للشرائط- فلا يجوز الاعتراض عليه، بمعنى عصيان أوامره ومخالفته عمليّاً في الدائرة التي ثبتت له فيها ولاية؛ استناداً إلى أدلّة ولايته ونفاذ حكمه.
نعم، يمكن الاعتراض على الحاكم والدولة الإسلامية ومسؤولي النظام علميّاً بمعنى إبداء الرأي، بشرط أن لا يؤدّي إلى مفاسد ثانويّة، وهذا هو القانون العام في فقه المعارضة السياسية في الإسلام.
(انظر: ولاية)
ب- الاعتراض على من له الولاية الخاصّة وشبهها، وذلك مثل الاعتراض على حكم القاضي الشرعي فإنّه لا يجوز إلّا إذا تبيّن خطأه [37]    . ويقصد به نقض حكمه أو ردّه وعدم العمل به، لا الخوض في حوار علمي معه واختلاف في المنطلقات الفقهية وغيرها، فإنّه بمجرّده لا يضرّ.
وكذلك الاعتراض على الولي والوصي والقيّم في تصرّفاتهم فيما لهم حقّ الولاية والوصاية والقيمومة عليه، فإنّه غير جائز بالمعنى الذي ذكرناه في حكم الحاكم.
نعم، يستثنى من ذلك التصرفات المخلّة فإنّه يجوز الاعتراض عليها، كتزويج الولي البنت بالخصي أو المجنون أو بأقلّ من‏
--------------------------------------------------------------------------------
[38]    الحشر: ۷.
[39]    الأحزاب: ۶.
[40]    الأحزاب: ۳۶.
[41]    انظر: المقنعة: ۲۸۷، ۷۰۵. جواهر الكلام ۲۱: ۱۹۶. وانظر أيضاً: الوسائل ۱: ۱۱۸، ب ۲۹ من مقدمة العبادات.
[42]    انظر: العروة الوثقى ۱: ۴۷. مستمسك العروة ۱: ۹۱.
مهر المثل ونحوه [43]    . ومن هذا القبيل الاعتراض على المأذون من قبل المالك أو الشارع بما يراه من المصلحة، فإنّه لا يجوز بالمعنى الذي بيّناه.
بل هناك ضابط عام في مثل هذه الموارد يقول: إنّ تصرّف الحرّ الرشيد- رجلًا كان أو امرأة- بالنسبة لنفسه أو ماله الذي يملكه أو المأذون في التصرّف فيه، مع مراعاته الضوابط الشرعية نافذ، لا يحقّ لأحدٍ الاعتراض عليه.
ج- الاعتراض في المجال العلمي، وذلك بتخطئة الفقهاء أو عموم العلماء والمتخصّصين في الفروع العلمية المختلفة بعضهم بعضاً، أو خوض حوارات علمية مباشرة أو غير مباشرة، فإنّ ذلك جائز بل ممدوح في حدّ نفسه ما دام خاضعاً للضوابط العلمية والأخلاقية والشرعية، وسيرة العلماء وديدنهم قائم على ذلك من قديم الأيّام، بل لا يجب على المقلّد فضلًا عن المجتهد أن يعتقد بما توصّل إليه الفقيه الآخر وإن لزمه العمل بفتواه، كما قرّروا ذلك في علم الاصول.
(انظر: اجتهاد، تقليد)
۲- الاعتراض بمعنى الظهور والبروز:
وأمّا على الظهور- وهو المعنى الثاني- فنشير لبعض الموارد التي ذكرها الفقهاء:
أ- اعتراض الفجر في افُق المصلّي- أي ظهوره وبروزه- فإنّه يحقّق وجوب صلاة الفجر [44]    ؛ وذلك لما روي من «أنّ وقت الغداة إذا اعترض الفجر» [45]    .
ب- اعتراض الجنون أو الارتداد- أي بروزهما- لا يسقط الحدّ جلداً أو رجماً [46]    .
ج- اعتراض الارتداد لأحد الزوجين يوجب فسخ النكاح [47]    .
وغير ذلك من الموارد التي تراجع في محالّها. (انظر: ارتداد)

--------------------------------------------------------------------------------
[48]    انظر: الإرشاد ۲: ۹. القواعد ۳: ۱۵. جامع المقاصد ۱۲: ۱۴۷، ۱۴۸. كشف اللثام ۷: ۱۰۱.
[49]    انظر: جواهر الكلام ۷: ۱۶۹. العروة الوثقى ۲: ۲۵۳، م ۱. التنقيح في شرح العروة (الصلاة) ۱: ۲۷۷.
[50]    الوسائل ۴: ۲۱۰، ب ۲۷ من‏المواقيت، ح ۳.
[51]    جواهر الكلام ۴۱: ۳۴۲. جامع المدارك ۷: ۴۲. تحرير الوسيلة ۲: ۴۱۹، م ۱۰.
[52]    انظر: المبسوط ۳: ۴۵۴. الشرائع ۲: ۲۹۴. المسالك ۷: ۳۶۳.




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار