الاضحية (شروطها وآدابها)
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاضحية (توضيح) .
الاضحيّة الشاة التي تذبح ضحوة يوم العيد بمنى وغيره، فيطلقونها الفقهاء على ما يذبح أو ينحر من النعم يوم عيد الأضحى وما بعده، ولها شروط وآداب، منها: ۱- ما يعود إلى الاضحيّة في نفسها، ۲- ما يعود إلى المضحّي، ۳- ما يعود إلى التضحية.
ما يعود إلى الاضحية في نفسها [تعديل]
وهي امور:
← أن تكون من النعم الثلاث
صرّح الفقهاء بأنّ الاضحيّة تختصّ بالنعم الثلاث
[۱] بلا خلاف،
[۲] بل عليه الإجماع.
[۳] [۴]
واستدلّ له بقوله تعالى: «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ»،
[۵] وقد أجمع المفسّرون
[۶] [۷] [۸]
والفقهاء واللغويّون على أنّ المراد ببهيمة الأنعام الحيوانات الثلاثة: الإبل والبقر والغنم.
[۹]
← سلامتها من بعض العيوب
صرّح بعض الفقهاء
[۱۰] بأنّه يشترط في الاضحيّة من الأوصاف ما يشترط في الهدي.
ويبدو أنّ مستندهم في ذلك تتبّع الروايات، حيث وجدوها تعدّد جملة من العيوب التي يتعرّض لها في الهدي أيضاً، فاعتبروا الاثنين واحداً في الشروط.
لكن أورد عليه النراقي بأنّ بعض الأخبار
[۱۱] الدالّة على هذه الأوصاف مختصّة بالهدي، وعدم ثبوت الإجماع المركّب، ومعارضة صحيحة عليّ بن جعفر
[۱۲] للأخبار المتضمّنة للفظ الاضحيّة،
[۱۳] لكنّه قال أخيراً: «إلّاأنّ الحكم بالاعتبار لمّا كان موافقاً للاحتياط- ومع ذلك كانت أكثر الأخبار المتقدّمة متضمّنة للفظ الأضاحي- لا بأس به».
[۱۴]
وصرّح السيّد الحكيم بأنّه لا يبعد كفاية سلامة العينين والاذنين، وجواز التضحية بالموجوء ونحوه؛
[۱۵] استناداً إلى المروي في نهج البلاغة: «فإذا سلمت الاذن والعين سلمت الاضحيّة وتمّت».
[۱۶] [۱۷]
وبالرجوع إلى المستند التفصيلي للعيوب نجد أنّ الروايات تدلّ على اعتبار أكثر الصفات المعتبرة في الهدي، فيشترط خلوّ الاضحيّة من عدّة عيوب، وهي كالآتي: أن لا تكون عمياء، ولا عرجاء بيّن عرجها،
[۱۸] ولا عوراء بيّن عورها،
[۱۹] ولا خرماء،
[۲۰] [۲۱] ولا جذّاء،
[۲۲] [۲۳] ولا
عضباء،
[۲۴] [۲۵] ولا عجفاء،
[۲۶] [۲۷] ولا مريضة بيّن مرضها، ولا كبيرة لا تنقى. وهذه الصفات قد اشترطها جمع من الفقهاء.
[۲۸] [۲۹] [۳۰] [۳۱] [۳۲]
واستدلّوا على اعتبارها بمعتبرة السكوني عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: «قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: لا يضحّى بالعرجاء بيّن عرجها، ولا بالعجفاء، ولا بالجرباء، ولا بالخرقاء، ولا بالجدعاء، ولا بالعضباء».
[۳۳] ونحوها رواية البراء بن عازب المنجبرة بعمل مشهور الفقهاء، حيث جاء فيها
[۳۴]:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن عرجها، والكسيرة التي لا تنقى».
[۳۵]
وهكذا ما روي عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال: «أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم في الأضاحي أن نستشرف العين والاذن، ونهانا عن الخرقاء،
[۳۶] [۳۷] والشرقاء،
[۳۸] [۳۹] والمقابلة،
[۴۰] [۴۱] والمدابرة
[۴۲] [۴۳]».
[۴۴]
لكن بقيت هناك بعض العيوب التي وقع كلامٌ في اشتراطها، نفياً وإثباتاً، ففي الخصيّ صرّح جمع من الفقهاء القدماء
[۴۵] [۴۶] [۴۷] [۴۸] بعدم الاجتزاء به، لا في الهدي ولا الاضحيّة؛ اعتماداً على شمول عنوان الناقص له، وللروايات الخاصّة: كصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الاضحيّة بالخصي؟ فقال: «لا».
[۴۹] وقريب منها صحيحته الاخرى.
[۵۰]
لكن ذكر بعض الفقهاء أنّه يظهر من بعض الأخبار المعتبرة جواز الاضحيّة بالخصي، ففي صحيح الحلبي، قال عليه السلام: «النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصي من الضأن»، وقال: «الكبش السمين خير من الخصي ومن الانثى»،
[۵۱] فيعلم من ذلك جواز الاضحيّة بالخصي وإن كان غيره أفضل.
[۵۲]
وأمّا المهزولة، فقد حكم بالاجتزاء بها في الاضحيّة المندوبة، وعدم الاجتزاء في الهدي، حيث استظهر بأنّ الروايات الصحيحة المانعة من الاجتزاء بالمهزول
[۵۳] مختصّة بالهدي.
[۵۴]
وأمّا السنّ فذهب جمع من الفقهاء۱» إلى اعتبار كونها ثنيّة
[۵۵] [۵۶] [۵۷] [۵۸] من الإبل والبقر والمعز، ويجزي الجذع من الضأن، وهو الذي له ستّة أشهر.
[۵۹]
واستدلّوا على ذلك بصحيح العيص بن القاسم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام عن عليّ عليه السلام أنّه كان يقول: «الثنيّة من الإبل، والثنيّة من البقر، والثنيّة من المعز، والجذعة من الضأن».
[۶۰] ونحوه ما رواه محمّد بن عليّ بن الحسين، قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام يوم الأضحى، وذكر الخطبة، وممّا جاء فيها: «ومن ضحّى منكم بجذع من المعز فإنّه لا يجزي عنه، والجذع من الضأن يجزي».
[۶۱] ولكنّ المستفاد منها هو عدم شرطية كونها ثنيّة، بحيث يرتفع الاستحباب عمّا دونها، بل الظاهر منها هو الاستحباب المؤكّد بالنسبة إلى كونها ثنيّة.
قال السيّد الحكيم: «الأحوط أن تكون ثنيّاً وإن كان الاجتزاء بالجذع من الضأن هنا غير بعيد».
[۶۲] واستند فيه على ما ورد في خبر ابن جعفر: كان عليّ عليه السلام يقول: «ضحّ بثنيٍّ فصاعداً».
[۶۳]
← ما يستحب وجوده في الاضحية
يستحبّ في الاضحيّة أن تكون ملحاء،
[۶۴] [۶۵] [۶۶] سمينة، ومن ذوات الأرحام من الإبل والبقر، والفحولة من الغنم.
[۶۷] [۶۸] [۶۹] [۷۰] [۷۱] [۷۲] [۷۳]
وتدلّ على ذلك صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنّه سئل عن الاضحيّة، فقال: «أقرن، فحل، سمين، عظيم العين والاذن- إلى أن قال:- إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يضحّي بكبش أقرن، عظيم، فحل، يأكل في سواد، وينظر في سواد،
[۷۴] [۷۵] فإن لم تجدوا من ذلك شيئاً فاللَّه أولى بالعذر».
[۷۶]
وصحيحة عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «تجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث، والإناث أفضل».
[۷۷]
وموثّقة معاوية بن عمّار، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر، وقد تجزي الذكورة من البدن، والضحايا من الغنم الفحولة».
[۷۸]
← ما يكره التضحية به
تكره التضحية بالثور، وما ربّاه الإنسان على ما صرّح به جمع من الفقهاء.
[۷۹] [۸۰] [۸۱] [۸۲]ويدلّ على ذلك مضمر أبي بصير: «ولا تضحّ بثور ولا جمل».
[۸۳]
ورواية ابن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك، كان عندي كبش سمين لُاضحّي به، فلمّا أخذته وأضجعته نظر إليّ، فرحمته ورققت عليه، ثمّ إنّي ذبحته، قال: فقال لي: «ما كنت احبّ لك أن تفعل، لا تربّين شيئاً من هذا ثمّ تذبحه».
[۸۴]
وأمّا كراهية التضحية بالجاموس فقال بها بعض الفقهاء من دون نقل خلافٍ،
[۸۵] [۸۶] [۸۷] [۸۸] [۸۹] [۹۰] ولكن صرّح جمع آخر منهم بأنّهم لم يجدوا له دليلًا.
[۹۱] [۹۲] [۹۳] [۹۴]
ما يعود إلى المضحي [تعديل]
← استحباب تولّي الإنسان ذبح اضحيته بنفسه
صرّح جماعة من الفقهاء
[۹۵] [۹۶] [۹۷] [۹۸] [۹۹] [۱۰۰] [۱۰۱] [۱۰۲] [۱۰۳] [۱۰۴] بأنّه يستحبّ لصاحب الاضحيّة أن يتولّى ذبح اضحيّته بنفسه، وإن لم يُحسن الذباحة جعل يده مع يد الذابح. ويستدلّ لذلك برواية حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سمعته يقول: «نحر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بيده ثلاثاً وستّين، ونحر علي عليه السلام ما غبر
[۱۰۵] [۱۰۶]»، قلت: سبعاً وثلاثين؟ قال: «نعم».
[۱۰۷]
وكذا رواية الكليني عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «كان عليّ بن الحسين عليه السلام يجعل السكّين في يد الصبي، ثمّ يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح».
[۱۰۸] [۱۰۹]
← النيابة في الاضحية
قال جمع من الفقهاء بجواز التضحية عن الغير، سواء كان حيّاً أو ميّتاً.
[۱۱۰] [۱۱۱] [۱۱۲] [۱۱۳]ويدلّ على ذلك ما رواه الصدوق، حيث قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام يضحّي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كلّ سنة بكبش فيذبحه، ويقول: بسم اللَّه... اللّهمّ هذا عن نبيّك، ثمّ يذبحه ويذبح كبشاً آخر عن نفسه».
[۱۱۴] [۱۱۵]
← الاشتراك في الاضحية الواحدة
المعروف بين الفقهاء جواز الاشتراك في اضحيّة واحدة في المندوبة، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو غيره، وعدم جوازه في الواجبة.
[۱۱۶] [۱۱۷] [۱۱۸] [۱۱۹] [۱۲۰] [۱۲۱]
وتدلّ عليه صحيحة الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن النفر تجزيهم البقرة؟ قال: «أمّا في الهدي فلا، وأمّا في الأضحى فنعم».
[۱۲۲]
وفي روايته الاخرى عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «تجزئ البقرة أو البدنة في الأمصار عن سبعة، ولا تجزئ بمنى إلّا عن واحد».
[۱۲۳]
← اضحية العبيد والإماء
صرّح جماعة من الفقهاء
[۱۲۴] [۱۲۵] [۱۲۶] [۱۲۷] بأنّ العبد القنّ والمدبّر وامّ الولد غير مخاطبين
بالاضحيّة؛ لأنّهم لا ملك لهم. نعم، لو ملّكهم مواليهم صحّ عنهم. والعبد المكاتب أيضاً إن كان مشروطاً لا تكليف له؛ لأنّه بحكم المملوك، وإن كان مطلقاً وقد تحرّر منه شيء جازت له التضحية إذا ملك شيئاً.
ما يعود إلى التضحية [تعديل]
← وقت التضحية
وقتها لمن كان في منى أربعة أيّام، أوّلها يوم النحر وثلاثة بعده، وفي الأمصار ثلاثة أيّام كذلك بلا خلاف فيه،
[۱۲۸] [۱۲۹] [۱۳۰] [۱۳۱] [۱۳۲] [۱۳۳] [۱۳۴] بل ادّعي الإجماع عليه.
[۱۳۵] [۱۳۶] [۱۳۷] [۱۳۸] [۱۳۹]
وتدلّ عليه صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام: سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال: «أربعة أيّام»، وسألته عن الأضحى في غير منى؟ فقال: «ثلاثة أيّام». فقلت: فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين، أله أن يضحّي في اليوم الثالث؟ فقال: «نعم».
[۱۴۰]
وقريب منها موثّقة عمّار الساباطي.
[۱۴۱] وقد حملوا ما خالف ذلك من نصوص- كقول أبي جعفر عليه السلام في حسنة ابن مسلم: «الأضحى يومان بعد يوم النحر، ويوم واحد بالأمصار»
[۱۴۲]- على ضرب من الندب.
[۱۴۳] أمّا وقتها من حيث أجزاء النهار فقد صرّح جملة من الفقهاء
[۱۴۴] [۱۴۵] [۱۴۶] بأنّه بعد طلوع الشمس ومضيّ مقدار ما يمكن معه إقامة صلاة العيد والخطبتين، سواء صلّى الإمام أو لم يصلّ. ويمكن أن يستدلّ له بموثّقة سماعة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: قلت له: متى يذبح؟ قال: «إذا انصرف الإمام»، قلت: فإذا كنت في أرضٍ ليس فيها إمام فاصلّي بهم جماعة؟ فقال: «إذا استقلّت الشمس...».
[۱۴۷]
هذا، ولكن ذهب المحقّق النجفي إلى عدم اعتبار وقت معيّن من يوم العيد في ذبحها؛ لإطلاق ما دلّ على مشروعية الاضحيّة في هذا اليوم، وحمل موثّقة سماعة أيضاً على ضرب من الندب؛ جمعاً بينها وبين إطلاق الأيّام في غيره نصّاً وفتوى.
[۱۴۸]
ولو فاتت أيّام الأضاحي، فإن كانت الاضحيّة واجبة بالنذر وشبهه فقد صرّح العلّامة الحلّي
[۱۴۹] [۱۵۰] [۱۵۱] بعدم سقوط وجوب قضائها؛ معلّلًا بأنّ لحمها مختصّ بالمساكين، فلا يخرجون عن الاستحقاق بفوات الوقت. وتبعه عليه الشهيدان
[۱۵۲] [۱۵۳] فيما يخصّ وجوب القضاء.
وخالفهم المحقّق النجفي في ذلك؛ لعدم كونها اضحيّة في غير الأيّام المعيّنة، فلا تكون حينئذٍ مورداً للوفاء بالنذر وشبهه،
[۱۵۴] بل تجب عليه كفّارة خلف النذر، كما ذهب إلى ذلك المحدّث البحراني.
[۱۵۵]
ولو لم تكن واجبة بالنذر وشبهه فلا يصدق على الذبح في غير هذه الأيّام عنوان الاضحيّة،
[۱۵۶] [۱۵۷] [۱۵۸] [۱۵۹] وليس عليه قضاؤها؛
[۱۶۰] [۱۶۱] [۱۶۲] لأنّه بأمر جديد.
[۱۶۳] [۱۶۴]
← اشتراط نية القربة
التضحية من الامور العبادية، فتحتاج إلى نيّة القربة، كما يجب فيها استقبال القبلة، والتسمية. وللتفصيل في ذلك راجع مصطلح (حجّ، ذبح، هدي).
← استحباب الدعاء عند التضحية
يستحبّ الدعاء بالمأثور عن النبيّ وآله عليهم السلام عند الذبح،
[۱۶۵] [۱۶۶] فقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يضحّي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم
كلّ سنة بكبش يذبحه، ويقول: «بسم اللَّه، وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّهربّ العالمين، اللّهمّ منك ولك».
[۱۶۷]
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۳۹۴-۴۰۳.