الإضجاع(خام)
إضجاع أوّلًا- التعريف:
الإضجاع لغة: مصدر أضجع، وأصله:
ضجع، يتعدّى بالألف لا غير، فيقال:
أضجعته إضجاعاً، أي وضعت جنبه بالأرض
[1] .
ويأتي في الاصطلاح بمعناه اللغوي، وربّما اريد به مطلق الوضع على الأرض وإن لم يكن على الجنب كما سيتّضح ذلك.
ثانياً- الألفاظ ذات الصلة:
۱- الاضطجاع:
وهو وضع الإنسان جنبه على الأرض بنفسه
[2] ، فهو لازم، والإضجاع متعدٍّ كما تقدّم.
وعليه فالفرق بينهما أنّ الاضطجاع يقال لمن ضجع نفسه، وأمّا الإضجاع فإنّه يكون بفعل الغير.
۲- الاستلقاء:
وهو النوم على القفا
[3] .
فيكون الفرق بينه وبين الإضجاع أنّ الأوّل مأخوذ من وضع الجنب على الأرض، فيما الثاني يكون النوم فيه على القفا.
ثالثاً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث : ۱- إضجاع الميّت في القبر:
الواجب في الدفن- كما هو المشهور
[4] - إضجاع الميّت في قبره على جانبه الأيمن مستقبلًا القبلة، بل عليه دعوى الإجماع
[5] ، خلافاً لبعضهم
[6] حيث قال باستحباب ذلك ويظهر من المولى الأردبيلي الميل إليه
[7] .
استدلّ للقول المشهور- المركّب من الوضع على اليمين واستقبال القبلة- باستقرار سيرة المتشرّعة على الالتزام بذلك، فإنّنا نجد من عادتهم منذ قديم
--------------------------------------------------------------------------------
[8] انظر: الصحاح ۳: ۱۲۴۸. المصباح المنير: ۳۵۸. محيط المحيط: ۵۳۰.
[9] انظر: العين ۱: ۲۱۲. المصباح المنير: ۳۵۸.
[10] انظر: المحيط في اللغة ۶: ۲۸. القاموس المحيط ۴: ۵۶۰. مجمع البحرين ۳: ۱۶۴۵.
[11] كشف اللثام ۲: ۳۷۶، ۳۷۷. الحدائق ۴: ۶۸، ۶۹.
[12] انظر: التذكرة ۲: ۸۸. مستند الشيعة ۳: ۲۹۰، ۲۹۱. جواهر الكلام ۴: ۲۹۶.
[13] الوسيلة: ۶۸. الجامع للشرائع: ۵۴.
[14] مجمع الفائدة ۲: ۴۷۸.
الأيّام أن يدفنوا الموتى بإضجاعهم في قبورهم على جنبهم الأيمن، ومن البعيد أن تكون هذه السيرة ناشئة عن أعراف خاصّة بأهل منطقة معيّنة؛ لأنّنا نجدها عند المؤمنين في كافة البلدان وعلى اختلاف الأعراف، فالتقيّد بها يكشف عن تلقّيهم إيّاها من الشارع المقدّس.
كما استدلّوا له أيضاً ببعض الأخبار
[15] :
منها: صحيحة محمّد بن عيسى اليقطيني عن يعقوب بن يقطين، قال:
سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الميت كيف يوضع على المغتسل، موجّهاً وجهه نحو القبلة، أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة؟ قال: «يوضع كيف تيسّر، فإذا طهر وضع كما يوضع في قبره»
[16] .
فإنّ هذه الرواية تفيد- كما يقول السيد الخوئي- أنّ للوضع في القبر كيفية خاصة اشير إليها في ذيل الخبر، وحيث لم تتعيّن نضم السيرة الخارجية التي لم يرد ردع عنها، فنعلم أنّ الكيفية هي هذه السيرة الجارية بين المتشرّعة
[17] ، فكأنّنا نركّب هنا الحديث والسيرة غير المردوع عنها لنخرج بالنتيجة النهائية، حيث تعطي السيرة بعض المدلول والحديث الجزء الآخر منه، فتتكوّن النتيجة تبعاً لذلك.
ومنها: ما رواه معاوية بن عمّار في الصحيح عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بمكّة، وأنّه حضره الموت، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون يصلّون إلى بيت المقدس، فأوصى البراء أن يجعل وجهه إلى تلقاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى القبلة، وأنّه أوصى بثلث ماله، فجرت به السنّة»
[18] .
قال المحقّق النجفي بعد نقله الخبر:
«وظاهر السنّة فيه: الطريقة اللازمة، لا الاستحباب»
[19] ، ربما لأنّ تعبير (السنّة) وإرادة المندوب اصطلاحٌ حادث، وإلّا فهي تعني في اللغة الطريقة المتّبعة، فلا يحمّل المعنى الاصطلاحي الحادث على المدلول العرفي زمان صدور النصّ.
ومنها: ما رواه في دعائم الإسلام عن
--------------------------------------------------------------------------------
[20] مصباح الفقيه ۵: ۳۹۵.
[21] الوسائل ۲: ۴۹۱، ب ۶ من غسل الميت، ح ۲.
[22] التنقيح في شرح العروة (الطهارة) ۹: ۱۶۴.
[23] الوسائل ۳: ۲۳۰، ب ۶۱ من الدفن، ح ۱.
[24] جواهر الكلام ۴: ۲۹۶.
علي عليه السلام أنّه شهد جنازة رجل من بني عبد المطلب، فلمّا أنزلوه في قبره قال: «ضعوه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة ولا تكبّوه لوجهه...»
[25] .
فإنّ هذا الخبر ظاهر في دعوى المشهور المركّبة من استقبال القبلة والوضع على الجانب الأيمن.
نعم، استثنى الفقهاء
[26] من هذا الحكم المرأة غير المسلمة الحامل من مسلم، فإنّها تدفن مستدبرة القبلة، مضطجعة على جنبها الأيسر؛ ليستقبل الجنين وجهه إليها، فإنّه المقصود بالدفن أصالة؛ لأنّ المفروض أنّه مسلم لتبعيّته لأشرف الأبوين، حتى لو كان جنيناً، ولا حرمة لُامّه مع عدم إسلامها، لذا يجوز دفنها في مقابر المسلمين بالإجماع
[27] .
(انظر: استقبال، دفن)
۲- دخول الإضجاع في الحضانة:
عدّ جماعة من الفقهاء
[28] إضجاع الطفل في المهد ونحوه من الحضانة، فلو استأجرت امرأة للحضانة دخل فيها إضجاع الطفل أيضاً.
(انظر: إجارة، حضانة)
۳- إضجاع الحيوان عند الذبح:
ذكر بعض الفقهاء
[29] من آداب الذباحة أن يساق الحيوان برفق إلى الذبح ويضجع برفق.
وعلّل ذلك بموافقته للإراحة وإحسان الذبح المأمور بهما وترك التعذيب
[30] . وهذا فيما يذبح من الحيوان وهو غير الإبل، وأمّا فيها فإنّها تنحر قائمة.
(انظر: تذكية، ذباحة)
أضحى (انظر: عيد)
--------------------------------------------------------------------------------
[31] الدعائم ۱: ۲۳۸. المستدرك ۲: ۳۷۵، ب ۵۱ من الدفن، ح ۱.
[32] الحدائق ۴: ۶۹. مستند الشيعة ۳: ۲۹۳. جواهر الكلام ۴: ۲۹۷.
[33] الخلاف ۱: ۷۳۰، م ۵۵۸. وانظر: مصباح الفقيه ۵: ۳۹۷.
[34] الإيضاح ۲: ۲۷۳. جامع المقاصد ۷: ۲۴۶.
[35] المسالك ۱۱: ۴۹۱. جواهر الكلام ۳۶: ۱۳۳. مهذّبالأحكام ۲۳: ۸۶.
[36] مستند الشيعة ۱۵: ۴۴۸.