اراقه تست
إراقة أوّلًا- التعريف:
الإراقة- في اللغة- من أراق يريق، بمعنى الصبّ، وإراقة الماء ونحوه: صبّه، ويقال: أراق الماء يريقُه، وهراقه يُهريقُه بدل، وأهراقه يهريقه عوض: صبّه.
[۱]
وليس لها في اصطلاح الفقهاء معنى آخر، بل يستعملونها بنفس معناها اللغوي كإراقة الماء وإراقة الخمر وغير ذلك. نعم، ترد في الفقه على نحو الكناية كإراقة الدم كناية عن قتل النفس أو ذبح الحيوان هدياً أو كفّارة أو عقيقة أو غير ذلك.
ثانياً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث:
أ- إراقة الماء:
لا حكم لإراقة الماء من حيث هي وإنّما تعرّض الفقهاء لحكمها عند طروّ عنوان آخر عليها، كما في الموارد التالية:
۱- تحرم إراقة الماء مع صدق عنوان الإسراف عليها؛ لحرمة الإسراف بغير خلاف.
[۲] ويدلّ عليه قوله عليه السلام: «إنّ القصد أمر يحبّه اللَّه عزّ وجلّ، وإنّ السرف أمر يبغضه اللَّه عزّ وجلّ... حتى صبّك فضل شرابك».
[۳] (انظر: إسراف)
۲- تحرم إراقة الماء بعد دخول وقت الصلاة لو أوجبت تعجيز النفس عن الطهارة المائيّة، وقد عدّها الفقهاء معصية وإثماً.
[۴] [۵] وقيّد بعضهم ذلك بصورة العلم بعدم وجدان ماء آخر.
[۶] [۷] [۸]
(انظر: تعجيز)
۳- أوجب بعض الفقهاء
[۹] [۱۰] إراقة ماء الإنائين المشتبهين على المكلّف الذي لا يجد غيرهما؛ للأمر بذلك في قوله عليه السلام:
«يهريقهما ويتيمّم»
[۱۱]، تعبّداً، أو لأنّ المراد اشتراطها في التيمم؛ لأنّه بها يصير فاقداً للماء، بينما رجّح آخرون عدم
الوجوب؛ حملًا للأمر بها على الكناية عن عدم جواز الانتفاع والإرشاد إلى مانعيّة النجاسة عن الوضوء.
[۱۲] [۱۳] [۱۴] وتفصيل البحث موكول إلى محالّه. (انظر: وضوء، تيمّم)
ب- إراقة الدم:
وهي قد تكون في الإنسان واخرى في الحيوان:
۱- إراقة دم الإنسان:
إراقة دم الإنسان كناية عن القتل، وقد اعتبر الشارع إراقة دم النفس المحترمة ظلماً من أعظم الكبائر، قال اللَّه تعالى:
«وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها».
[۱۵] وعن الإمام الصادق عليه السلام:
«لا يدخل الجنّة سافك للدم...».
[۱۶]
وهو الفساد الكبير في الأرض حتى أنّه يقال: لا تشرع إراقة دم محترم لحفظ دم آخر، ولا تقيّة في الدماء، وأنّ التقيّة إذا توقّفت على إراقة الدم فلا تقيّة
[۱۷] [۱۸] [۱۹] [۲۰]؛ ولذلك حرم قتل المسلم أو الذمي ظلماً وبغير حقّ.
نعم، أجاز الشارع إراقة دم الكافر الحربي والبغاة بل يجب قتلهم؛ لإعلاء كلمة اللَّه والإسلام وتطهير الأرض من لوث وجودهم، أو ليفيئوا إلى أمر اللَّه وإطاعة الإمام عليه السلام.
[۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵] [۲۶] [۲۷] [۲۸] [۲۹] [۳۰] [۳۱] [۳۲] [۳۳] [۳۴] [۳۵] [۳۶]
وكذا أجاز إراقة الدم قصاصاً؛ لغرض حفظ نظام الاجتماع وقطع دابر الشرّ عن البشر، قال اللَّه تعالى: «وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ».
[۳۷]
وكذا أباح الشارع إراقة دم المحارب واللص والمهاجم للدفع عن النفس والحريم والمال إذا لم يندفع إلّا بذلك، فقتله جائز ودمه هدر، فلا قود ولا دية.
[۳۸] [۳۹] [۴۰] [۴۱]
بل عن بعض الفقهاء وجوب ذلك دفعاً عن النفس إذا كان المهاجم يطلب قتله.
[۴۲] [۴۳]
وقد ذكر الفقهاء ذلك كلّه مفصّلًا في كتاب الجهاد والحدود والقصاص وغير ذلك. وتفصيل ذلك في محالّه.
(انظر: جهاد، دفاع، قصاص، حدّ)
۲- إراقة دم الحيوان:
إراقة دم الحيوان في الفقه كناية عن ذبحه، وهي قد تكون واجبة شرعاً كما في هدي التمتّع والكفّارات والنذر وشبهه ودم التحلّل للمحصور.
وقد يستحب ذلك كما في هدي القران- من دون إشعار- والاضحية وما يتقرّب به تبرّعاً
[۴۴] [۴۵] والعقيقة
[۴۶] [۴۷]، فإراقة الدماء في الذبح للَّه تعالى طاعة؛ لأنّه يحبّ إراقة الدماء كما في الحديث
[۴۸] [۴۹]، ولذلك قد لا يقوم مقام الإراقة غيرها كالتصدّق بثمنها كما في العقيقة. بل لو عجز عنها أخّرها حتى يتمكّن.
[۵۰] [۵۱]
ولتفصيل ذلك كلّه راجع مصطلح (هدي، اضحية، عقيقة).
وقد يبيح الشارع إراقة دم الحيوان الصائل أو الموذي.
[۵۲] [۵۳] [۵۴] وعدم الضمان في ذلك. كما أنّه قد يكره ذلك أو يحرم كما في قتل الحيوان غير المؤذي للهو ونحوه، وتفاصيل ذلك في محالّها.
ج- إراقة النجاسات:
أفتى بعض الفقهاء بوجوب إراقة المائعات النجسة والمتنجّسة ممّا لا يصحّ الانتفاع به كالخلّ المتنجّس أو المسكر اتلافاً لها
[۵۵] [۵۶] [۵۷] [۵۸] [۵۹]؛ وعلّله بعضهم بحرمة حفظ النجس.
[۶۰] وأمّا ما يصحّ الانتفاع به كالدهن النجس فلا يجب إهراقه.
[۶۱] [۶۲]
وكذلك الخمر المحترمة كالمتخذة للتخليل أو خمر أهل الذمّة.
[۶۳] [۶۴]
وتفصيل ذلك موكول إلى محلّه.
المراجع [تعديل]