الاستقبال (معرفة القبلة) لتصفح عناوين مشابهة، انظر الاستقبال (توضيح) .
لا خلاف [۱] في وجوب معرفة القبلة من طرقها العلمية أو الظنّية، [۲][۳][۴][۵][۶][۷][۸][۹][۱۰][۱۱][۱۲][۱۳][۱۴][۱۵] كما هو مقتضى الاصول والنصوص والفتاوى [۱۶] الآتية، بل التكليف بوجوب الاستقبال من دون وجوب معرفة القبلة من المحال، [۱۷][۱۸][۱۹][۲۰] وهذا الوجوب للمعرفة وجوب عيني؛ لتوقّف الواجب عليها، [۲۱][۲۲][۲۳][۲۴][۲۵][۲۶] إلّاأنّ هناك من قيّد وجوب المعرفة بظهور الحاجة إلى التعلّم والتمكّن منه لا مطلقاً؛ وذلك للأصل، ولأنّ معرفة القبلة مقدمة للواجب، فلا تجب إلّامع وجوبه، [۲۷] ولا تستحب إلّامع استحبابه . [۲۸] هذا بالنسبة إلى القادر على معرفة القبلة، وأمّا غير القادر فقد اختلف الفقهاء- في حكمه علماً أو ظناً ، وكذا غير القادر على المعرفة لضيق وقت أو لوجود مانع- على ثلاثة أقوال:
القول الثاني [تعديل] الاكتفاء بصلاة واحدة إلى جهة واحدة، وهو مختار جماعة،نقله عن ابن أبي عقيل في المختلف كما لم يستبعده العلّامة نفسه، واعتمده جملة من الأعلام. [۷۱][۷۲][۷۳][۷۴][۷۵][۷۶][۷۷][۷۸] واستدلّوا له من الكتاب بقوله تعالى: «وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوْا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ»، [۷۹] حيث ذكروا أنّ الآية نزلت في قبلة المتحيّر. [۸۰][۸۱][۸۲] ومن السنّة بروايات:
منها: ما ورد في قبلة المتحيّر، كصحيح زرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «يجزي المتحيّر أبداً أينما توجّه إذا لم يعلم أين وجه القبلة». [۸۳][۸۴][۸۵][۸۶][۸۷][۸۸][۸۹][۹۰]واورد عليه باحتمال إرادة الاجتهاد في تحصيل القبلة، وذلك بالتوجّه إلى الجهة التي يظنّ أنّ القبلة إليها، [۹۱] بل قيل: إنّه محرّف بقلم النسّاخ، حيث كان أصله (يجزي التحرّي) بمعنى الاكتفاء بالتحرّي وبذل الجهد في تحصيل القبلة عند عدم العلم بها، وهو ممّا لا خلاف معتدّ به فيه. [۹۲][۹۳][۹۴] ومنها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قبلة المتحيّر؟ قال: «يصلّي حيث يشاء». [۹۵][۹۶][۹۷][۹۸][۹۹][۱۰۰][۱۰۱]واورد عليه بإمكان أن يراد من قوله عليه السلام: «يصلّي حيث يشاء» هو ما يقوى في نفسه ويرجح؛ لأنّ العاقل لا يشاء إلّالمرجّح فيما يشاؤه. [۱۰۲] وهناك إشكال تشترك فيه جميع الروايات الواردة في هذا المجال، وهو عدم مقاومتها لأدلّة القول الأوّل؛ [۱۰۳] لمخالفتها للشهرة التي يخرج الخبر بسببها عن الحجية، فلابدّ من حملها على حال ضيق الوقت الذي لا يسع إلى أربع جهات. [۱۰۴][۱۰۵]
القول الثالث [تعديل] أنّ القبلة تتعيّن بالقرعة ،حيث قال: «يحتمل أن يريد الإقراع بين الجهات الأربع، وأن ينصّف الافق نصفين، فيخرج بالقرعة النصف المشتمل على القبلة، ثمّ ينصّف المخرج ويقرع، وهكذا إلى أن يبقى مقدار الجهة العرفية، وأن يقرع بين كلّ نقطتين يكون ما بينهما أزيد من الجهة العرفية». [۱۰۶] وهو مختار السيد ابن طاوس ، [۱۰۷] ونفى عنه البأس في المدارك ؛ [۱۰۸] لأنّ القرعة لكلّ أمر مشكل. [۱۰۹][۱۱۰][۱۱۱] واورد عليه:
أوّلًا: بأنّه ليس هناك أمر مشكل نحتاج في حلّه إلى القرعة؛ لإمكان الاستناد إلى حجة شرعيّة ينتفي معها الإشكال بالمرة. [۱۱۲][۱۱۳][۱۱۴] وثانياً: بأنّه لم يعهد من أحد استعمال القرعة في معرفة الأحكام الشرعيّة التكليفيّة أو الوضعيّة حتى من السيد ابن طاوس نفسه في غير المقام، بل الإجماع على خلافه. [۱۱۵][۱۱۶][۱۱۷] ومع ذلك فقد ذهب بعضهم إلى الجمع بين القرعة والصلاة إلى الجهات الأربع، وهو في غاية الاحتياط . [۱۱۸][۱۱۹]ثمّ إنّه بناءً على وجوب الصلاة إلى أربع جهات فالمشهور [۱۲۰][۱۲۱] حيث قال: «عند الأكثر». اشتراط تقاطعها على زوايا قوائم [۱۲۲][۱۲۳][۱۲۴][۱۲۵][۱۲۶][۱۲۷][۱۲۸][۱۲۹] عرفيّة لا حقيقيّة. [۱۳۰] واستدلّ له بأنّه مقتضى الاحتياط، [۱۳۱][۱۳۲] وبأنّه المتبادر من الفتاوى [۱۳۳][۱۳۴][۱۳۵] والنصوص، ففي مرسلة الشيخ الكليني : «يصلّي(المتحيّر) إلى أربع جوانب». [۱۳۶][۱۳۷]ونوقش فيه بأنّ التبادر الذي ادّعي لو سلّم فهو في العرف الجديد. [۱۳۸]وفي مقابل ذلك احتمل الشهيد الاجتزاء بالأربع كيف اتّفق إذا لم تكن الفاصلة بين الجهتين قليلة جدّاً بحيث تعدّ قبلة واحدة. [۱۳۹]والظاهر من الفاضل الاصفهاني الميل إلى هذا الاحتمال،استظهره منه في جواهر الكلام حيث قال: «وكأنّه مال إليه في كشف اللثام.[۱۴۰][۱۴۱] بل قيل: إنّه مختاره.حيث قال: «وهو خيرة كشف اللثام». [۱۴۲]واستدلّ له- مضافاً إلى الأصل وبإطلاق النص والفتوى [۱۴۳]- بأنّ الغرض إصابة جهة القبلة لا عينها وهو حاصل. [۱۴۴]