سنن التسليم - ویکی فقه 


سنن التسليم


(والسنة فيه : أن يسلّم المنفرد تسليمة) واحدة (إلى القبلة) كما في الموثق وغيره المتقدمين، والصحيح : «وإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة» [۱] [۲] [۳] (ويومئ بمؤخر) [۴] [۵] [۶] [۷] (عينيه إلى يمينه) على المشهور، جمعا بين تلك النصوص والخبر المروي عن جامع البزنطي : «إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك». [۸] [۹]
خلافا للمبسوط، فتجاه القبلة، [۱۰] كما هو ظاهر الأخبار الأوّلة مع قصور الرواية الأخيرة.
وللصدوق، فيميل بأنفه إلى يمينه، [۱۱] [۱۲] لرواية العلل الآتية. [۱۳]
وربما قيل بالتخيير، [۱۴] للرضوي : «ثمَّ تسلّم عن يمينك، وإن شئت يمينا وشمالا، وإن شئت تجاه القبلة».
وفيه مناقشة، بل هو ظاهر في الدلالة على أفضلية اليمين، فيكون نحو الرواية الأخيرة، فيكون مؤيّدا لها، مضافا إلى الشهرة.
والجمع بينهما وبين الروايات الأوّلة كما يمكن بطريق المشهور كذا يمكن بطريق الصدوق، إلاّ أن الأوّل أقرب إلى مضمون الأوّلة، والثاني أوضح، لوضوح الشاهد عليه من الرواية، وأوفق بما هو المتبادر من إطلاق : «عن يمينك» بل المتبادر منه ما كان الالتفات فيه بتمام الوجه. لكن عدل عنه اتفاقا، للرواية، وحذرا عن الالتفات المكروه اتفاقا، فتوى ورواية.
ومع ذلك لعلّ الأوّل أولى، للشهرة المرجحة، وأوفقيته للأخبار المعتبرة الدالة على استقبال القبلة. وما قابلها من أخبار اليمين قاصرة الأسانيد أو ضعيفة، فطرحها متعيّن، إلاّ أن حملها على اليمين في الجملة ولو بمؤخر العين أولى جمعا تبرعيا، إذ يكفي في صدق الإضافة أدنى الملابسة.
(و) كذلك (الإمام) يسلم تسليمة واحدة إلى القبلة، لكن يومئ (بصفحة وجهه) إلى يمينه.
أمّا أنه يسلّم واحدة إلى القبلة فللمعتبرة، منها الصحيح : «إذا كنت إماما فسلّم تسليمة واحدة مستقبل القبلة» [۱۵] [۱۶] ونحوه الموثق وغيره المتقدمان، [۱۷] وظاهر‌ الخبر تقريرا، وفيه : عن تسليم الإمام وهو مستقبل القبلة، قال : «يقول : السلام عليكم». [۱۸] [۱۹]
وأما استحباب الإيماء إلى اليمين فللجمع بينها وبين الصحيح : «إن كنت تؤمّ قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك». [۲۰] [۲۱] [۲۲]
وإنما جعل بصفحة الوجه أخذا بما هو المتبادر من اللفظ عند الإطلاق كما مر.
وفيه نظر، لجريان هذا الوجه في المنفرد أيضا، مع أنهم جعلوا الإيماء فيه بمؤخر العين مراعاة لحال الاستقبال مهما أمكن. ويمكن أن يكون الوجه الأخبار الدالّة على أن كلا من الإمام والمأمومين يسلّم على الآخر، [۲۳] وهو يستلزم الميل بصفحة الوجه لا أقل منه، وإنما اقتصروا عليه حذرا من الالتفات المكروه.
خلافا للمبسوط، فكما مرّ، [۲۴] لما مرّ. وفيه نظر.
وللصدوق، فبعينه، [۲۵] [۲۶] لرواية العلل. [۲۷] وفيه ما مر.
(والمأموم) يسلّم بـ (تسليمتين) بصفحة وجهه (يمينا وشمالا) إن كان على شماله أحد، وإلاّ فعلى يمينه خاصّة مطلقا، على المشهور، كما يستفاد من المعتبرة المستفيضة، بعد ضمّ بعضها مع بعضها، ففي الصحيح : «وإن ‌كنت مع إمام فتسليمتين». [۲۸] [۲۹] [۳۰]
وإطلاقه بالإضافة إلى اليمين والشمال مقيّد بالمصرّح بهما، كالصحيح : «إذا كنت في صفّ فسلّم تسليمة عن يمينك وتسليمة عن يسارك، لأنّ عن يسارك من يسلّم عليك». [۳۱] [۳۲]
وإطلاقهما بالإضافة إلى التسليم على اليسار وإن شمل ما لو لم يكن فيه أحد، لكن مقيّد بما دلّ على اشتراطه من المعتبرة، كالصحيح : «الإمام يسلّم واحدة، ومن وراءه يسلّم اثنتين، فإن لم يكن على شماله أحد سلّم واحدة» [۳۳] [۳۴] [۳۵] ونحوه الموثق وغيره المتقدمان، [۳۶] وغيرهما. [۳۷]
مضافا إلى عدم معلومية انصراف إطلاق الصحيحين إلى من عدا محل المقيّد، سيّما مع ما في ثانيهما من التعليل الظاهر في اختصاصه بالمقيّد، فتدبّر.
ومنه يظهر عدم استقامة ما في العبارة من الإطلاق. كما لا استقامة لما فيها من التسليم بالوجه يمينا وشمالا، الظاهر في تمامه لا صفحته خاصة، لأن ذلك وإن كان أظهر من يتبادر من لفظ عن يمينك وعن يسارك كما مرّ، إلاّ أنه مستلزم للالتفات المكروه بلا خلاف، بل المحرّم كما قيل، [۳۸] ففيما ذكره المشهور احتراز عن ذلك، كما في الإمام.
مع أنه روى الصدوق في العلل مسندا عن مفضّل بن عمر أنه سأله عليه السلام : لأيّ علّة يسلّم على اليمين ولا يسلّم على اليسار؟ قال : «لأن الملك الموكّل يكتب الحسنات على اليمين، والذي يكتب السيّئات على اليسار، والصلوات حسنات ليس فيها سيّئات، فلهذا يسلّم على اليمين دون اليسار» قال : فلم لا يقال : السلام عليك، وعلى اليمين واحد، ولكن يقال : السلام عليكم؟ قال : «ليكون قد سلّم عليه وعلى من في اليسار، وفضل صاحب اليمين عليه بالإيماء إليه» قال : فلم لا يكون الإيماء في التسليم بالوجه كلّه ولكن يكون بالأنف لمن صلّى وحده، وبالعين لمن يصلّي بقوم؟ قال : «لأن مقعد الملكين من ابن آدم الشدقين، فصاحب اليمين على الشدق الأيمن ويسلّم المصلّي عليه ليثبت له صلاته في صحيفته» قال : فلم يسلّم المأموم ثلاثا؟ قال : «تكون واحدة ردّا على الإمام، وتكون عليه وعلى ملكيه، وتكون الثانية على يمينه والملكين الموكّلين به، وتكون الثالثة على يساره والملكين الموكّلين به، ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلّم على يساره، إلاّ أن يكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى من صلّى معه خلف الإمام فيسلّم على يساره». [۳۹] [۴۰]
وأفتى بما فيه في الفقيه والمقنع، [۴۱] [۴۲] إلاّ أنه قال : لا تدع السلام على يمينك كان على يمينك أحد أو لم يكن. كما في الصحيح المروي عن قرب الاسناد. [۴۳] وقال : إنك تسلّم على يسارك أيضا إلاّ أن لا يكون على يسارك أحد، إلاّ أن تكون بجنب الحائط فسلّم على يسارك، ونحوه عن أبيه. [۴۴] قال‌ الشهيد ; ولا بأس باتّباعهما، لأنهما جليلان لا يقولان إلاّ عن تثبّت. [۴۵]


المراجع [تعديل]

۱. التهذيب، ج۲، ص۹۲، ح۳۴۵.    
۲. الاستبصار، ج۱، ص۳۴۶، ح۱۳۰۳.
۳. الوسائل، ج۶، ص۴۱۹ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۳.    
۴. مؤخر العين.
۵. مثال مؤمن : الذي يلي الصدغ.
۶. ومقدمها : الذي يلي الأنف.
۷. الصحاح، ج۲، ص۵۷۷.
۸. المعتبر، ج۲، ص۲۳۷.    
۹. الوسائل، ج۶، ص۴۲۱ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۱۲.    
۱۰. المبسوط، ج۱، ص۱۱۶.
۱۱. كما في المقنع، ص۲۹.
۱۲. والفقيه، ج۱، ص۲۱۰.
۱۳. في ص، ص۲۵۵.
۱۴. الحدائق، ج۸، ص۴۹۳و۴۹۵.    
۱۵. الكافي، ج۳، ص۳۳۸، ح۷.    
۱۶. الوسائل، ج۶، ص۴۱۹ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۱.    
۱۷. في ص، ص۲۴۶.
۱۸. المعتبر، ج۲، ص۲۳۶.    
۱۹. الوسائل، ج۶، ص۴۲۱ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۱۱.    
۲۰. التهذيب، ج۲، ص۹۲، ح۳۴۵.    
۲۱. الاستبصار، ج۱، ص۳۴۶، ح۱۳۰۳.
۲۲. الوسائل، ج۶، ص۴۱۹ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۳.    
۲۳. الوسائل، ج۶، ص۴۱۹أبواب التسليم بـ ۲.    
۲۴. المبسوط، ج۱، ص۱۱۶.
۲۵. كما في المقنع، ص۲۹.
۲۶. والفقيه، ج۱، ص۲۱۰.
۲۷. الآتية في ص، ص۲۵۴.
۲۸. التهذيب، ج۲، ص۳۴۵-۳۴۵.    
۲۹. الاستبصار، ج۱، ص۳۴۶، ح۱۳۰۳.
۳۰. الوسائل، ج۶، ص۴۱۹ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۳.    
۳۱. الكافي، ج۳، ص۳۳۸، ح۷.    
۳۲. الوسائل، ج۶، ص۴۱۹ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۱.    
۳۳. التهذيب، ج۲، ص۹۳، ح۳۴۶.    
۳۴. الاستبصار، ج۱، ص۳۴۶، ح۱۳۰۴.
۳۵. الوسائل، ج۶، ص۴۲۰ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۴.    
۳۶. في ص، ص۲۴۶.
۳۷. الوسائل، ج۶، ص۴۹۱أبواب التسليم بـ ۲.    
۳۸. كشف اللثام، ج۱، ص۲۳۴.    
۳۹. علل الشرائع، ج۱، ص۳۵۹، ح ۱.
۴۰. الوسائل، ج۶، ص۴۲۲ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۱۵.    
۴۱. الفقيه، ج۱، ص۲۱۰.    
۴۲. المقنع، ص۲۹.
۴۳. قرب الإسناد، ج۱، ص۲۰۹، ح ۸۱۴الوسائل، ج۶، ص۴۲۳ أبواب التسليم بـ ۲، ح ۱۶.
۴۴. حكاه عنه في الذكرى، ص۲۰۸.
۴۵. الذكرى، ص۲۰۸.


المصدر [تعديل]

رياض المسائل، ج۳، ص۲۵۱- ۲۵۶.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار