الدعاء بالمأثور في الاستنجاء - ویکی فقه 


الدعاء بالمأثور في الاستنجاء


يستحبّ الدعاء بالمأثور في مواضع متعددة من الاستنجاء :


عند رؤية الماء [تعديل]

ذكر غير واحد من الفقهاء استحباب الدعاء عند رؤية الماء [۱] [۲] [۳] [۴] بأن يقول: (الحمد للَّه‌الذي جعل الماء طهوراً، ولم يجعله نجساً) [۵] [۶] [۷] واستدلّوا عليه [۸] [۹] برواية عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الصادق عليه السلام التي ورد فيها: «بينا أميرالمؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع محمّد ابن الحنفية إذ قال له: يا محمّد إيتني بإناء من ماء أتوضّأ للصلاة، فأتاه محمّد بالماء، فأكفاه، فصبّه بيده اليسرى على يده اليمنى، ثمّ قال: بسم اللَّه وباللَّه، والحمد للَّه الذي جعل الماء طهوراً ولم يجعله نجساً». [۱۰]
إلّاأنّ هناك من رفض الاستدلال بهذه الرواية مؤكّداً عدم وجود ما يدلّ فيها على رؤية الماء، [۱۱] [۱۲] ولعلّه لذلك عدل الشيخ الصدوق عن الحكم باستحباب الدعاء عند الرؤية إلى استحباب الدعاء عند صبّ الماء على اليد. [۱۳] بينما أكّد بعضهم على إمكان‌ استفادة ذلك من قوله عليه السلام: «... فأكفأ (الماء) بيده اليمنى على يده اليسرى». [۱۴] [۱۵]

عند الاستنجاء [تعديل]

صرّح كثير من الأعلام باستحباب الدعاء عند الاستنجاء، [۱۶] [۱۷] [۱۸] [۱۹] [۲۰] [۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] بأن يقول: (اللهمّ حصّن فرجي، وأعفّه، واستر عورتي، وحرّمني على النار). [۲۵] [۲۶]وممّا يدلّ على ذلك رواية ابن كثير المتقدّمة المشتملة على الدعاء المذكور. [۲۷] [۲۸] [۲۹] [۳۰] [۳۱]ومن الفقهاء من أضاف: (يا ذا الجلال والإكرام) بعد قوله: (وحرّمني على النار). [۳۲]
ومنهم من أضاف: (ووفّقني لما يقرّبني منك يا ذا الجلال والإكرام) بعد قوله:(وحرّمني على النار). [۳۳] [۳۴]إلّاأنّه أورد عليه بأنّ الرواية غير مشتملة على قوله: (ووفّقني) وما بعده. [۳۵] [۳۶]
وهناك صيغ أخرى للدعاء عند الاستنجاء، كالتي ذكرها الشيخ في الاقتصاد ، وهي: «اللهمّ حصّن فرجي، واستر عورتي، ووفّقني لما يرضيك عنّي، ياذا الجلال والإكرام». [۳۷]وكالصيغة التي ذكرها ابن البرّاج ، وهي:«الحمد للَّه‌الذي جعل الماء طهوراً ولم يجعله نجساً، اللهمّ حصّن فرجي وفروج أوليائي وذرّيتي، وفروج المؤمنين من ارتكاب معاصيك حتى لا نعصيك أبداً ما أبقيتنا، إنّك تعصم من تشاء من عبادك». [۳۸]وكذا الصيغة المستفادة من استدلال بعضهم [۳۹] [۴۰] بمرسلة الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه إذا استوى جالساً للوضوء قال: «اللهمّ‌ أذهب عنّي القذى والأذى، واجعلني من المتطهّرين». [۴۱] [۴۲]والمقصود بالوضوء هنا التطهير بعد قضاء الحاجة، كما يشعر به كلام |العلّامة في النهاية ، [۴۳] خصوصاً مع ملاحظة ما ذكره البعض من أنّ الوضوء يطلق أحياناً في الأخبار على ما يغسل به سائر البدن. [۴۴]

عند الفراغ من الاستنجاء [تعديل]

ذكر الفقهاء من آداب الاستنجاء الدعاء عند الفراغ منه، إلّاأنّ عباراتهم اختلفت في تحديد موضعه، وفي الأدعية الواردة فيه:
فمنهم من أطلق ذلك من دون تقييده بحال القيام أو بمسح البطن، ومن دون تحديده بصيغة معيّنة، [۴۵] [۴۶] [۴۷] [۴۸] [۴۹] [۵۰] [۵۱] وإن كان الظاهر الدعاء المذكور عند مسح البطن الذي سوف نشير إليه قريباً؛ لأنّه الأقرب إلى التخلّي كما قيل. [۵۲]وتدلّ [۵۳] [۵۴] [۵۵] عليه رواية أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام، قال: «... وإذا فرغت فقل:الحمد للَّه‌الذي عافاني من البلاء، وأماط عنّي الأذى». [۵۶] والاستدلال بها إنّما يتمّ بناءً على كون المراد بالفراغ في الرواية الفراغ عن الاستنجاء لا التخلّي. [۵۷]
ومنهم من ذكر أنّ الدعاء يكون بعد الفراغ والقيام من الاستنجاء، بأن يمسح بطنه بيده اليمنى [۵۸] [۵۹]إلّاأنّه ليس فيه: «اليمنى». [۶۰] [۶۱] ويقول: (الحمد للَّه‌الذي أماط عنّي الأذى، وهنّأني طعامي وشرابي، وعافاني من البلوى)، [۶۲] [۶۳]ولم يذكر فيه: «وشرابي». وقد روي ذلك عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال:«... فإذا فرغت فقل: الحمد للَّه‌الذي أماط عنّي الأذى وهنّأني طعامي وشرابي»، [۶۴] لكن مع أنّه لم يذكر فيه (وعافاني من البلوى) غير مقيّد بحالة القيام من الموضع، [۶۵] وبه ورد ما في المرسلة [۶۶] [۶۷] أنّ عليّاً عليه السلام كان إذا خرج من الخلاء مسح بطنه، وقال: «الحمد للَّه‌الذي أخرج عنّي أذاه، وأبقى فيّ قوّته، فيا لها من نعمة لا يقدّر القادرون قدرها»، [۶۸] لكن متنها لا يوافق صيغة الدعاء المذكور. [۶۹]ولابدّ من الإشارة إلى إمكان أن يكون مراد من قيّد الدعاء المذكور بمسح البطن هو أن يكون حال القيام، [۷۰] [۷۱] [۷۲] [۷۳] بقرينة تقييد البعض للدعاء عند مسح البطن بحال القيام، [۷۴] خصوصاً مع عدم تقييد أحدٍ له بحال الجلوس.
ومنهم من اكتفى بالدعاء المأثور عند مسح بطنه إذا قام من موضعه. [۷۵] بينما لم يقيّد الصدوق ذلك بحال القيام، [۷۶] ولا بمسح البطن، حيث قال: «وإذا فرغت من حاجتك فقل: الحمد للَّه‌الذي أماط عنّي...»، [۷۷] إلّاأنّ ظاهره- كما قيل [۷۸]- الدعاء قبل الاستنجاء لا حينه.
ومنهم من أضاف إلى الدعاء المذكور بعد (وعافاني من البلوى) : (الحمد للَّه الذي رزقني ما اغتذيت به، وعرّفني لذّته، وأبقى في جسدي قوّته، وأخرج عنّي أذاه، يا لها نعمة، يا لها نعمة، يا لها نعمة لا يقدّر القادرون قدرها). [۷۹]وفيها «يا لها نعمة» مرّتين. [۸۰] [۸۱]وفيه: «يا لها نعمة» مرّة واحدة.
وقد وردت هذه الإضافة في المرسلة السابقة ورواية القدّاح [۸۲] المستدلّ بهما على استحباب قراءة ذلك الدعاء عند الخروج من الخلاء.
ومنهم من اعتبر الدعاء مستحبّاً في موضعين:
الأوّل: عند الفراغ من الاستنجاء، بأن يقول: (الحمد للَّه‌الذي عافاني من البلاء، وأماط عنّي الأذى).
الثاني: عند القيام عن محلّ الاستنجاء، بأن يمسح يده اليمنى على بطنه ويقول:(الحمد للَّه‌الذي أماط عنّي الأذى، وهنّأني طعامي وشرابي، وعافاني من البلوى). [۸۳] [۸۴] [۸۵]
عموم الحكم للتطهير بغير الماء:
لم نعثر في كلمات الأعلام على تصريح بعدم جريان الأدعية في مورد الاستنجاء بغير الماء، بل صرّح بعضهم بشمول استحباب الدعاء لموارد الاستنجاء بغير الماء، [۸۶] [۸۷] ويمكن استفادة ذلك من كلّ من أطلق الاستحباب من دون تقييد بالماء. [۸۸] [۸۹] [۹۰] [۹۱] [۹۲] [۹۳] [۹۴] [۹۵] [۹۶]نعم، هناك كلام للشيخ الطوسي قد يستفاد منه التقييد، وذلك عندما قال:«يستحبّ الدعاء عند غسل الفرجين، وعند الفراغ من الاستنجاء ...»، [۹۷] ولعلّ ذلك بالنسبة إلى بعض الروايات الواردة في الاستنجاء بالماء دون الأحجار.

المراجع [تعديل]

۱. المختصر النافع، ج۱، ص۲۹.
۲. الذكرى، ج۱، ص۱۶۷.    
۳. الروضة، ج۱، ص۸۶.
۴. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۴۳.    
۵. كشف اللثام، ج۱، ص۲۱۹.    
۶. كشف الغطاء، ج۲، ص۱۵۵.
۷. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۴۳.    
۸. المقنع، ج۱، ص۹- ۱۰.    
۹. المعتبر، ج۱، ص۱۳۵.    
۱۰. الوسائل، ج۱، ص۴۰۱، ب ۱۶ من الوضوء، ح ۱.    
۱۱. مستمسك العروة، ج۲، ص۲۳۸- ۲۳۹.    
۱۲. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۴۵۳.   
۱۳. الهداية، ج۱، ص۷۷.
۱۴. الفقيه، ج۱، ص۴۲، ح ۸۴.    
۱۵. مهذّب الأحكام، ج۲، ص۲۲۰- ۲۲۱.
۱۶. إشارة السبق، ج۱، ص۷۰.   
۱۷. الشرائع، ج۱، ص۱۹.
۱۸. الجامع للشرائع، ج۱، ص۲۶.    
۱۹. القواعد، ج۱، ص۱۸۰.    
۲۰. الذكرى، ج۱، ص۱۶۷.    
۲۱. الروضة، ج۱، ص۸۶.
۲۲. الذخيرة، ج۱، ص۲۱.    
۲۳. مستند الشيعة، ج۱، ص۳۸۴.    
۲۴. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۴۳.    
۲۵. المدارك، ج۱، ص۱۷۵.    
۲۶. جواهر الكلام، ج۱، ص۵۹.    
۲۷. المعتبر، ج۱، ص۱۳۵.    
۲۸. الحدائق، ج۲، ص۵۰.    
۲۹. الحدائق، ج۲، ص۵۲.    
۳۰. الطهارة (تراث الشيخ الأعظم)، ج۱، ص۴۷۷.   
۳۱. مصباح الفقيه، ج۲، ص۱۰۵.
۳۲. كشف الغطاء، ج۲، ص۱۵۵.
۳۳. كشف اللثام، ج۱، ص۲۱۹.    
۳۴. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۴۳.    
۳۵. مستمسك العروة، ج۲، ص۲۳۹.    
۳۶. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۴۵۳.    
۳۷. الاقتصاد، ج۱، ص۳۷۷.   
۳۸. المهذّب، ج۱، ص۴۱.    
۳۹. نهاية الإحكام، ج۱، ص۸۰- ۸۱.    
۴۰. الطهارة (تراث الشيخ الأعظم)، ج۱، ص۴۷۷.   
۴۱. الفقيه، ج۱، ص۲۳، ح ۳۷.    
۴۲. الوسائل، ج۱، ص۳۰۸، ب ۵ من أحكام الخلوة، ح ۵.    
۴۳. نهاية الإحكام، ج۱، ص۸۰- ۸۱.    
۴۴. الحدائق، ج۱، ص۴۸۰.    
۴۵. المبسوط، ج۱، ص۳۸.
۴۶. الشرائع، ج۱، ص۱۹.
۴۷. الجامع للشرائع، ج۱، ص۲۶.    
۴۸. القواعد، ج۱، ص۱۸۰.    
۴۹. الذكرى، ج۱، ص۱۶۷.    
۵۰. الذخيرة، ج۱، ص۲۱.   
۵۱. مستند الشيعة، ج۱، ص۳۸۴.    
۵۲. الروض، ج۱، ص۸۲.
۵۳. المنتهى، ج۱، ص۲۵۳.   
۵۴. الطهارة (تراث الشيخ الأعظم)، ج۱، ص۴۷۷.   
۵۵. مصباح الفقيه، ج۲، ص۱۰۵.
۵۶. الوسائل، ج۱، ص۳۰۷، ب ۵ من أحكام الخلوة، ح ۲.    
۵۷. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۴۵۳- ۴۵۴.   
۵۸. المقنعة، ج۱، ص۴۰.    
۵۹. النهاية، ج۱، ص۱۲.    
۶۰. المراسم، ج۱، ص۳۳.
۶۱. الفوائد الملية، ج۱، ص۴۴.
۶۲. النهاية، ج۱، ص۱۲.    
۶۳. الروض، ج۱، ص۸۲.
۶۴. المستدرك، ج۱، ص۲۵۴، ب ۵ من أحكام الخلوة، ح ۱۰.    
۶۵. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۴۵۴.   
۶۶. مستمسك العروة، ج۲، ص۲۳۹.    
۶۷. مهذّب الأحكام، ج۲، ص۲۲۱.
۶۸. الوسائل، ج۱، ص۳۰۸، ب ۵ من أحكام الخلوة، ح ۶.    
۶۹. مهذب الأحكام، ج۲، ص۲۲۲.
۷۰. المهذّب، ج۱، ص۴۱.    
۷۱. الألفية والنفليّة، ج۱، ص۹۰- ۹۱.    
۷۲. الروض، ج۱، ص۸۲.
۷۳. كشف الغطاء، ج۲، ص۱۵۵.
۷۴. الفوائد المليّة، ج۱، ص۴۴.
۷۵. الروضة، ج۱، ص۸۶.
۷۶. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۴۵۴.   
۷۷. المقنع، ج۱، ص۷.    
۷۸. كشف اللثام، ج۱، ص۲۲۵.    
۷۹. المقنعة، ج۱، ص۴۰.    
۸۰. المراسم، ج۱، ص۳۳.
۸۱. المهذّب، ج۱، ص۴۱.    
۸۲. الوسائل، ج۱، ص۳۰۷، ب ۵ من أحكام الخلوة، ح ۳.    
۸۳. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۴۳.    
۸۴. مستمسك العروة، ج۲، ص۲۳۹.    
۸۵. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۴۵۳- ۴۵۴.   
۸۶. الروض، ج۱، ص۸۲.
۸۷. المدارك، ج۱، ص۱۷۵.    
۸۸. إشارة السبق، ج۱، ص۷۰.   
۸۹. الشرائع، ج۱، ص۱۹.
۹۰. الجامع للشرائع، ج۱، ص۲۶.    
۹۱. القواعد، ج۱، ص۱۸۰.    
۹۲. الذكرى، ج۱، ص۱۶۷.    
۹۳. الروضة، ج۱، ص۸۶.
۹۴. الذخيرة، ج۱، ص۲۱.
۹۵. مستند الشيعة، ج۱، ص۳۸۴.    
۹۶. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۴۳، مع تعليقاتها.    
۹۷. المبسوط، ج۱، ص۳۸.


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۳۳۶-۳۴۰.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار