الحول في زكاة الأنعام الثلاثة - ویکی فقه 


الحول في زكاة الأنعام الثلاثة


وهو مرور اثنا عشر هلالاً على البقر والغنم في الزكاة.


الحول [تعديل]

بالنصّ [۱] والإجماع (وهو) هنا (اثنا عشر هلالاً) فيتعلّق الوجوب بدخول الثاني عشر (وإن لم تكمل أيّامه) إجماعاً، وللصحيح : «إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة». [۲] [۳] [۴]
وهل يستقرّ الوجوب بذلك، حتى أنّه لو دفع الزكاة بعد دخوله ثم اختلّ أحد الشروط فيه لم يرجع، أم يتوقف على تمامه؟ وجهان: من ظاهر الصحيح والفتاوى.
ومن أنّ غايتهما إفادة الوجوب بدخوله وحول الحول به. والأوّل أعمّ من المستقرّ والمتزلزل، والثاني ليس نصّاً في الحول الحقيقي، فيحتمل المجازي للقرب من حصوله، وهو وإن كان مجازاً لا يُصار إليه إلاّ بالقرينة، إلاّ أنّ ارتكابه أسهل من حمل الحول المشترط في النصّ المتواتر والفتوى مثله الذي هو حقيقة في اثني عشر شهراً كاملة عرفاً ولغةً على الاثني عشر هلالاً ناقصة.
ولو سلّم التساوي فالأمر دائر بين مجازين متساويين لا يمكن الترجيح بينهما، فينبغي الرجوع إلى حكم الأصل، وهو عدم الاستقرار.
والأوّل أحوط، بل لعلّه أظهر؛ لقوّة دليله مع ضعف ما مرّ في جوابه.

← الأول
بأن الظاهر من الوجوب حيثما يطلق بحكم التبادر هو المستقرّ دون المتزلزل. وحمل الحول على ما مرّ مجاز، والأصل الحقيقة.
ويمنع عن المعارضة بأنّ ذلك المجاز، وهو حمل الحول في تلك النصوص والفتاوي باشتراطه في الوجوب على الحول الشرعي وهو الدخول في الثاني عشر. منه (رحمه الله)، لا بُدّ من ارتكابه ولو في الجملة، أي بالنسبة إلى أصل تعلق الوجوب. منه (رحمه الله)، إذ لا خلاف في الخروج عن حقيقة تلك النصوص والفتاوى، وهو عدم وجوب شيء قبل حول الحول وتمامه، وهو مخالف للإجماع والصحيح الماضي إن حمل الوجوب فيها على مطلقه، وإن حمل على المستقرّ فهو مجاز أيضاً وتقييد للعام ولو بزعم المخالف من غير دليل.
ومجرّد الجمع بينها وبين الصحيح هنا بحمل الوجوب فيه على المتزلزل ليس بدليل بعد خلوّه عن الشاهد، أي تقييد الوجوب بالمستقر. منه (رحمه الله)، مع أنّه ليس بأولى من حمل الحول فيها على الشرعي.
وبالجملة : لا ريب أن الصحيح هنا أخصّ من تلك النصوص والفتاوى، ولذا خولف به ظاهرها ولو في الجملة إجماعاً، فارتكاب التجوّز المتقدم فيها أولى من ارتكابه فيه جدّاً، ولذا إنّ شيخنا الشهيد الثاني الذي هو أحد القائلين بالقول الثاني اعترف بدلالة الصحيح على خلافه، إلاّ أنّه ذبّ عنه بالتأمّل في سنده كما في الروضة؛ [۵] [۶] وليس أيضاً في محلّه، كما قرّر في محله.
نعم ربما يستفاد من جملة من المعتبرة اعتبار كمال السنة، كالصحيح : «لمّا أُنزلت آية الزكاة : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) [۷] (وأُنزلت في شهر رمضان) أمَرَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مناديه فنادى في الناس : أن الله تعالى فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة» إلى أن قال : «لم يتعرّض بشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا، فأمَرَ مناديه فنادى في الناس : أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم» [۸] [۹] [۱۰] [۱۱] الحديث.
والموثق : السخْل، (السخْلة : ولد الشاة من المعز والضأن، ذكراً كان أو أُنثى، والجمع : سَخْل وسِخال وسِخَلة) متى تجب فيه الصدقة؟ قال : «إذا أجذع» [۱۲] [۱۳] [۱۴] [۱۵] أي دخل في السنة الثانية.
والجواب عنهما وإن أمكن إلاّ أنّه لا يخلو عن بُعدٍ.
(و) يستفاد من الرواية الأخيرة كغيرها من المعتبرة، [۱۶] وفيها الصحيح، مضافاً إلى الإجماع الظاهر المصرّح به في جملة من العبائر كالخلاف والمنتهى والمدارك، [۱۷] [۱۸] [۱۹] وعموم ما دلّ على أنّ كل ما لم يَحُل عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه فيه [۲۰] أنّه (ليس حول الأُمّهات حول السخال، بل يعتبر فيها) بانفرادها (الحول كما) يعتبر (في الأُمّهات).
هذا إن كانت نصاباً مستقلا بعد نصابها، كما لو ولدت خمسٌ من الإبل خمساً، أو أربعون من البقر أربعين أو ثلاثين.
أمّا لو كان غير مستقلّ ففي ابتداء حوله مطلقاً كما عن محتمل المعتبر، [۲۱] أو مع إكماله للنصاب الذي بعده كما استقر به في المنتهى [۲۲] أوّلا، أو عدم ابتدائه حتى يكمل الأوّل فيجزي الثاني لهما، أوجه وأقوال، أجودها الأخير، وفاقاً لجماعة من المتأخّرين كالشهيد الأوّل في الدروس والشهيد الثاني في المسالك وصاحب المدارك والمحقق السبزواري في الذخيرة. [۲۳] [۲۴] [۲۵] [۲۶]
فلو كان عنده أربعون شاة فولدت أربعين لم يجب فيها شيء؛ للأصل، وعموم ما دلّ على أن الزائد عن النصاب عفو. [۲۷]
وعلى الأوّل فشاة عند تمام حولها؛ لعموم : «في أربعين شاة شاة» [۲۸] وهو مع اختصاصه بالنصاب المبتدأ بحكم التبادر وفحوى الخطاب بل والإجماع معارض بما مرّ من العموم المترجّح على هذا بعد تسليم تكافئهما بالأصل.
أو ثمانون فولدت اثنتين وأربعين فشاة للأُولى خاصة، ثم يستأنف حول الجميع بعد تمام الأوّل.
وعلى الأولين تجب أخرى عند تمام حول الثانية؛ لعموم ما دلّ على وجوب الزكاة في النصاب الثاني لو ملكه، وهو مخصّص بما دلّ على أنّه لا شيء في الصدقة، من الصحيح وغيره، وروى مفاده في صحيحة زرارة، [۲۹] [۳۰] بناءً على وجوبها في الأُمّهات بعد حولها قطعاً، وللعمومات.
فإذا وجبت فيها (أي في الأُمهات. منه (رحمه الله) امتنع ضمّها إلى السخال في حولها؛ لما مضى، ولذا رجع عما اختاره في المنتهى أخيراً. [۳۱]
وهل مبدأ حول السخال غناؤها بالرعي، ليتحقّق السوم المشترط في إطلاق النصّ والفتوى كما مضى، أو نتاجها كما في المعتبرة وفيها الصحيح وغيره، [۳۲] أم التفصيل بارتضاعها من معلوفة فالأوّل أو سائمة فالثاني، جمعاً بين الدليلين؟ أقوال، خيرها أوسطها، وفاقاً للمحكيّ عن الشيخ والإسكافي ومن تبعهما، [۳۳] [۳۴] [۳۵] [۳۶] بل في المختلف والمسالك دعوى كونه مشهوراً؛ [۳۷] [۳۸] لأنّ ما دلّ عليه أقوى دلالةً، فيخصّ به عموم الدليل الأوّل. ويندفع به الثالث؛ لأن الجمع به أقرب منه وبالأُصول أوفق، فتأمّل.

← الثاني
واعلم : أنّ المعتبر حَوْل الحول على العين وهي مستجمعة للشرائط المتقدمة، فلو حال عليها وهي مسلوبة الشرائط أو بعضها كأن كانت دون النصاب لم تجب فيها.
(و) حينئذٍ (لو تمّم ما نقص عن النصاب في أثناء الحول استأنف حوله من حين تمامه) وكذا لو حصلت باقي الشرائط بعد فقدها يستأنف لها الحول بعد حصولها.
(ولو ملك مالاً آخر كان له حول بانفراده) إن كان نصاباً مستقلا بعد النصاب الأوّل، وإلاّ ففيه الأوجه الماضية، والمختار منها ما عرفته.
(ولو ثلم النصاب) فتلف بعضه، أو اختلّ غيره من الشرائط، كأن عووض نفسها مطلقاً أو خرج عن الملك ونحو ذلك. منه (رحمه الله)، (قبل) تمام (الحول) الشرعي أو اللغوي على الاختلاف الماضي (سقط الوجوب) يعني لا تجب الزكاة بعد حوله عليه كذلك مطلقاً، أي مثلوماً أو مختلّ الشرائط (وإن قصد) بالثلم (الفرار) من الزكاة.
(ولو كان) نحو الثلم (بعد) تمام (الحول لم يسقط).
أمّا عدم السقوط حيث يكون الثلم بعد الحول فهو موضع نصّ ووفاق، ادّعاه جماعة من الأصحاب كالحلّي في السرائر، والفاضل في جملة من كتبه كالمنتهى وغيرهما، [۳۹] [۴۰] وكذلك السقوط به قبله مع عدم قصد الفرار. وأمّا مع قصده فمحلّ خلاف، وما اختاره الماتن هو الأشهر الأقوى، بل عليه عامّة متأخّري أصحابنا، بل لا خلاف فيه أجده إذا كان الثلم بالنقص، بل على السقوط حينئذٍ الإجماع في الخلاف. [۴۱] ويظهر منه ومن غيره [۴۲] [۴۳] اختصاص الخلاف بما إذا كان الثلم بتبديل النصاب أو بعضه بغيره، من جنسه أو غيره.
وسيأتي الكلام في هذه المسألة في بحث زكاة الذهب والفضة. [۴۴]
ثم إنّ ما ذكرناه من الإجماع على السقوط بالثلم قبل الحول لا بقصد الفرار إنّما هو فيما إذا كان بالنقص أو التبديل بغير الجنس، وإلاّ فقد خالف فيه الشيخ في المبسوط والخلاف، [۴۵] [۴۶] لكنّه شاذّ محجوج بالأصل، وعموم ما دلّ على أنّ ما لم يَحُل عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه فيه، [۴۷] مع سلامتهما عما يصلح للمعارضة.

العوامل في زكاة الإنعام [تعديل]

أن لا تكون عوامل) بالنصّ [۴۸] والإجماع. وما يخالفه [۴۹] فشاذّ محمول على الاستحباب أو التقية، لكونه مذهب بعض العامة، كما في مغني المحتاج. [۵۰]
والمعتبر فيه الصدق العرفي طول الحول، ولا يقدح النادر الغير المنافي له، كما مرّ في السوم.

المراجع [تعديل]

۱. الوسائل، ج۹، ص۱۲۱أبواب زكاة الأنعام ب ۸.    
۲. الكافي، ج۳، ص۵۲۵ح۴.    
۳. التهذيب، ج۴، ص۳۵، ح۹۲.    
۴. الوسائل، ج۹، ص۱۶۳، أبواب زكاة الذهب والفضة ب ۱۲، ح ۲.    
۵. الروضة، ج۲، ص۲۳.
۶. المسالك، ج۱، ص۵۳.    
۷. التوبة/سورة ۹، الآية ۱۰۳.    
۸. الكافي، ج۳، ص۴۹۷، ح۲.    
۹. الفقيه، ج۲، ص۸، ح۲۶.    
۱۰. الوسائل، ج۹، ص۹، أبواب ما تجب فيه الزكاة ب۱، ح۱.    
۱۱. وما بين المعقوفين من المصادر.
۱۲. الكافي، ج۳، ص۵۳۵، ح۴.    
۱۳. الفقيه، ج۲، ص۱۵، ح۳۹.    
۱۴. الوسائل، ج۹، ص۱۲۳، أبواب زكاة الأنعام ب۹، ح۳.    
۱۵. لسان العرب، ج۱۱، ص۳۳۲.
۱۶. الوسائل، ج۹، ص۱۲۲، أبواب زكاة الأنعام ب ۹.    
۱۷. الخلاف، ج۲، ص۳۵.    
۱۸. المنتهى، ج۱، ص۴۹۱.    
۱۹. والمدارك، ج۵، ص۷۶.
۲۰. الوسائل، ج۹، ص۱۲۱، أبواب زكاة الأنعام ب ۸.    
۲۱. المعتبر، ج۲، ص۵۰۷.    
۲۲. المنتهى، ج۱، ص۴۹۰.    
۲۳. الدروس، ج۱، ص۲۳۲.    
۲۴. المسالك، ج۱، ص۵۲.    
۲۵. المدارك، ج۵، ص۷۷.    
۲۶. الذخيرة، ج۱، ص۴۳۲.
۲۷. الوسائل، ج۹، ص۱۱۶، أبواب زكاة الأنعام ب ۶.    
۲۸. الوسائل، ج۹، ص۱۱۶، أبواب زكاة الأنعام ب ۶.    
۲۹. نهاية ابن الأثير، ج۱، ص۲۲۴.
۳۰. الوسائل، ج۹، ص۱۰۰، أبواب من تجب عليه الزكاة ب۷، ح ۱.    
۳۱. المنتهى، ج۱، ص۴۹۱.    
۳۲. الوسائل، ج۹، ص۱۲۲، أبواب زكاة الأنعام ب ۹.    
۳۳. الخلاف، ج۲، ص۲۲.    
۳۴. النهاية، ج۱، ص۱۸۳.    
۳۵. المختلف، ج۱، ص۱۷۵.
۳۶. الوسيلة، ج۱، ص۱۲۶.    
۳۷. المختلف، ج۱، ص۱۷۵.
۳۸. المسالك، ج۱، ص۵۲.    
۳۹. السرائر، ج۱، ص۴۴۲.    
۴۰. المنتهى، ج۱، ص۴۹۵.    
۴۱. الخلاف، ج۲، ص۵۶.    
۴۲. الخلاف، ج۲، ص۵۷.    
۴۳. المنتهى، ج۱، ص۴۹۵.    
۴۴. رياض المسائل، ج۱، ص۲۳۲۷.
۴۵. المبسوط، ج۱، ص۲۰۶.
۴۶. الخلاف، ج۲، ص۵۷.    
۴۷. الوسائل، ج۹، ص۱۲۱، أبواب زكاة الأنعام ب ۸.    
۴۸. الوسائل، ج۹، ص۱۱۸، أبواب زكاة الأنعام ب۷.    
۴۹. الوسائل، ج۹، ص۱۲۱، أبواب زكاة الأنعام ب۷، ح۸.    
۵۰. المحتاج، ج۱، ص۳۸۰.


المصدر [تعديل]

رياض المائل، ج۵، ص۴۳-۴۹.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار