الاستخارة (بمراجعة القلب أو القرآن) - ویکی فقه 


الاستخارة (بمراجعة القلب أو القرآن)


لتصفح عناوين مشابهة، انظر الاستخارة (توضيح) .
الاستخارة التي بمعنى استعلام الخيرة وتعرّف ما فيه المصلحة فلها أقسام متعدّدة، منها: الاستخارة بالرقاع. ۲-الاستخارة بمراجعة القلب أو المصحف الشريف، ۳-الاستخارة بالحصى و السبحة ، ۴-الاستخارة بالقرعة و المساهمة ، ۵-الاستخارة بالمشاورة .


خبر اليسع القمي في هذه الاستخارة [تعديل]

تعرّض بعض الفقهاء لهذه الاستخارة وحكمها في كلماتهم [۱] [۲] [۳] [۴] لورودها في خبر اليسع القمي   قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام : اريد الشي‏ء فأستخير اللَّه فيه، فلا يوفّق فيه الرأي ، أفعله أو أدعه؟ فقال: «انظر إذا قمت إلى الصلاة ؛ فإنّ الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلى الصلاة، فانظر إلى أيّ شي‏ء يقع في قلبك فخذ به، وافتتح المصحف فانظر إلى أوّل ما ترى‏ فيه فخذ به إن شاء اللَّه».
والواو في قوله عليه السلام: «وافتتح المصحف» هي إمّا بمعنى أو، كما استظهره العلّامة المجلسي ، [۵] وعليه فيكون المراد هو أنّ الإنسان المتحيّر إذا قام إلى الصلاة يكون مخيّراً بين الأخذ بما يقع في قلبه وبين الاستخارة بالمصحف، بأن يأخذ بأوّل ما يرى فيه بعد افتتاحه ، أو أن يكون المراد من الجملة المذكورة هو أنّه عند عدم حصول العزم بعد الصلاة وبقاء الحيرة تصل النوبة إلى الاستخارة بالمصحف الشريف، هذا بناءً على ما استظهره المحقّق الهمداني . [۶]
ثمّ إنّ اليسع القمّي مجهول في كتب الرجال ، [۷]
فالرواية ضعيفة، إلّا أنّ بعض الفقهاء اعتمد عليها وعلى غيرها من الروايات الدالّة على استحباب الاستخارة بجميع أقسامها؛ استناداً إلى قاعدة التسامح، [۸] وقد تقدّم الكلام في ذلك.

التعرض لعدة أمور في تفسير الرواية [تعديل]

وقد تعرّضوا هنا لعدّة امور:

← الأمر الأول
 هل المراد بقوله عليه السلام: «أوّل ما ترى فيه» هو أوّل ما ترى فيه من الآيات، أو أوّل ما ترى فيه من الصفحة؟
اختار السيّد العاملي   الاحتمال الأوّل مدّعياً أنّه صريح الخبر المزبور. [۹] لكن ادّعى المحقّق النجفي أنّ حقيقة اللفظ وظاهره يقتضي الاحتمال الثاني حيث قال : «حقيقة اللفظ تقتضي الثاني، والمناسب لتعرّف الاستخارة الأوّل». [۱۰]

← الأمر الثاني
 احتمل السيّد العاملي أنّ المدار على ما يتبادر من لفظ الآية لا المقام والسوق، حيث قال: «لعلّ المدار على ما يتبادر من لفظ الآية ولا عبرة بالمقام والسوق، فلو أنّه وقع نظره على قوله عزّ وجلّ: «إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ»، [۱۱] كما وقع لبعض حيث استخار على المهاجرة لطلب العلم، فوقع نظره على هذه الآية الكريمة، فهاجر فوفّق لما أراد وبلغ المراد، قلنا له: استخارتك حسنة جيّدة، ولا نعتبر المقام لأن كان مقام استهزاء ، [۱۲]
فنقول: هي غير جيّدة، لكنّ ملاحظة المقام إنّما هي للعارف الخرّيت الماهر، فإنّه إذا لاحظها ظهر له من ذلك الأسرار الغريبة». [۱۳]

← قول المحقق النجفي
قال في المقام: «قد يقال: إنّه لمّا لم يعلم المراد بالأوّل في الخبر المزبور الآيات أو الكلمات- وعلى الأوّل فهل المدار على أوّل آية في صفحة النظر أو على أوّل الآية من الصفحة السابقة على صفحة النظر؛ إذ الفرض كون محلّ النظر بعض الآية في هذه الصفحة والبعض الآخر في الصفحة السابقة، ولم يعلم أيضاً اعتبار المقام والسوق وعدمه، ولم نقف على خبر غير الخبر المزبور- كان المتّجه الاقتصار في الجيّدة والرديّة على الجامعة لجميع ذلك، وإلّا جدّد الاستخارة بعد التوسّل والدعاء في أن يريه اللَّه رشده صريحاً؛ لأنّه لم يوفق له في الرأي في الاستخارة الاولى». [۱۴]

← الأمر الثالث
 أنّ الفيض الكاشاني قد أفاد: أنّه ربّما أشكل أصل الاستخارة بالمصحف الشريف بالخبر الذي رواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «لا تتفأّل بالقرآن»؛ [۱۵] [۱۶] وذلك لأنّ الاستخارة قسم من التفؤّل ، فيتعلّق بها النهي المزبور.

← الجواب عن إفادة الفيض الكاشاني
وأجاب عنه بأنّه إن صحّ الحديثان أمكن التوفيق بينهما بالفرق بين التفؤّل والاستخارة، فإنّ التفؤّل إنّما يكون فيما سيقع ويتبيّن الأمر فيه كشفاء مريض أو موته ووجدان الضالّة أو عدمه، ومآله إلى تعجيل تعرّف علم الغيب .
وقد ورد النهي عنه وعن الحكم فيه بتّة لغير أهله وكره التطيّر في مثله، بخلاف الاستخارة، فإنّها طلب لمعرفة الرشد في الأمر الذي اريد فعله أو تركه، وتفويض للأمر إلى اللَّه سبحانه في التعيين و استشارته   عزّ وجلّ، كما قال عليه السلام في مرفوعة علي بن محمّد- السابقة-: «هكذا تشاور ربّك»، وبين الأمرين فرق واضح، وإنّما منع من التفؤّل بالقرآن وإن جاز بغيره إذا لم يحكم بوقوع الأمر على البتّ؛ لأنّه إذا تفأّل بغير القرآن ثمّ تبيّن خلافه فلا بأس، بخلاف ما إذا تفأّل بالقرآن ثمّ تبيّن خلافه، فإنّه يفضي إلى إساءة الظنّ بالقرآن، ولا يتأتّى ذلك في الاستخارة به؛ لبقاء الإبهام فيه بعدُ وإن ظهر السوء؛ لأنّ العبد لا يعرف خيره من شرّه في شي‏ء، قال اللَّه تعالى: «وَ عَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسى‏ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ». [۱۷] [۱۸]

← إيراد المحقق النجفي
وأورد عليه المحقّق النجفي بأنّه بناءً على صحّة الخبر المزبور يبعد حمله على ذلك؛ لأنّ التفؤّل إن لم يكن هو أقرب إلى موضوع الاستخارة من تعرّف علم الغيب فهو بالنسبة إليهما على حدّ سواء؛ لصدقه على كلّ منهما. ثمّ أفاد أنّ الخبر المزبور غير صحيح سنداً. [۱۹] والظاهر أنّه للإرسال . على أنّ في طريقه سهل بن زياد، ولم تثبت وثاقته عند بعض علماء الرجال. [۲۰]

← التعارض بين الرواية والوجوه التي ذكرها السيد ابن طاوس
وأفاد أيضاً أنّ الخبر المزبور- مع عدم صحّته- قد يقع التعارض بينه وبين الوجوه التي ذكرها السيّد ابن طاوس   للتفؤّل بالمعنى المذكور والوجوه المذكورة يستبعد- بل يمتنع- عدم وصول نصوص فيها إليه، بل ظاهر بعض عباراته أو صريحها وقوفه على ذلك. [۲۱]
ومن جملة الوجوه التي ذكرها ابن طاوس: «أنّه يصلّي صلاة جعفر عليه السلام ، فإذا فرغ منها يدعو بدعائها، ثمّ يأخذ المصحف وينوي فرج آل محمّد عليهم السلام   بدءاً وعوداً، ثمّ يقول: اللهمّ إن كان في قضائك وقدرك أن تفرّج عن وليّك وحجّتك في خلقك في عامنا هذا وفي شهرنا هذا فاخرج لنا رأس آية من كتابك نستدلّ بها على ذلك، ثمّ يعدّ سبع ورقات، ويعدّ عشرة أسطر من ظهر الورقة السابعة، وينظر ما يأتيه في الحادي عشر من السطور، ثمّ يعيد الفعل ثانياً لتفسيره، فإنّه تتبيّن حاجته إن شاء اللَّه تعالى». [۲۲]

← المروي عن بدر بن يعقوب
ومنها: ما روي عن بدر بن يعقوب : أنّك تدعو للأمر والنهي أو ما تريد الفأل فيه بفرج آل محمّد عليهم السلام، وذكر نحواً من ذلك الدعاء، وقال: «ثمّ تعدّ سبع أوراق ثمّ تعدّ من الوجهة الثانية من الورقة السابعة ستّة أسطر، وتتفأّل بما يكون في السطر السابع». [۲۳]
ومنها: ما قال: وفي رواية اخرى: «يدعو بالدعاء، ثمّ يفتح المصحف ويعدّ سبع قوائم، ويعدّ ما في الوجهة الثانية من الورقة السابعة، وما في الوجه الآخر من الورقة الثامنة من لفظ اسم اللَّه جلّ جلاله، ثمّ يعدّ قوائم بعدد لفظ اسم اللَّه ، ثمّ يعدّ من الوجهة الثانية من القائمة التي ينتهي العدد إليها، ومن غيرها ممّا يأتي بعدها سطوراً بعدد لفظ اسم اللَّه، ويتفأّل بآخر سطر من ذلك». [۲۴]
ثمّ قال المحقّق النجفي: «وهو- كما ترى- ظاهر فيما قلنا»، [۲۵] يعني أنّ التفؤّل إن لم يكن هو أقرب إلى موضوع الاستخارة من تعرّف علم الغيب فهو بالنسبة إليهما على حدّ سواء؛ لصدقه على كلّ منهما. ومراده أنّ الاستخارة التي هي بمعنى استعلام الخير و استكشاف ما فيه المصلحة يكون مرجعها أيضاً إلى تعرّف الغيب.
ثمّ قال: «ومنه ينقدح إرادة البتّ والقطع من النهي عن التفؤّل في الخبر المزبور، لا على أنّه أمارة لا يورث تخلّفها في نفس المتفئّل شيئاً من ظنّ السوء بالقرآن، بل لعلّ المراد بالنهي المزبور إنّما هو لعامّة الناس الذين لا يعلمون الكيفيّة ولا يفهمون المعنى والمراد، وإذا تخلّف الأمر يظنّون ظنّ السوء بالقرآن الكريم، بل لعلّ الاستخارة فيه أيضاً بالنسبة إليهم كذلك فضلًا عن التفؤّل بالمعنى المتقدّم، فمن المحتمل قويّاً أن يراد حينئذٍ بالتفؤّل المنهيّ عنه: المعنى الذي يشمل الاستخارة أيضاً». [۲۶]

المراجع [تعديل]

۱. الوافي، ج۹، ص۱۴۱۶- ۱۴۱۷.
۲. الذكرى، ج۴، ص۲۷۰.    
۳. مفتاح الكرامة، ج۳، ص۲۷۵- ۲۷۶.
۴. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۶۹- ۱۷۰.    
۵. البحار، ج۸۸، ص۲۴۳.     
۶. مصباح الفقيه (الصلاة)، ج۱، ص۵۱۷(حجرية).
۷. معجم رجال الحديث، ج۲۱، ص۱۳۳-۱۳۴.     
۸. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۶۵.    
۹. مفتاح الكرامة، ج۳، ص۲۷۵.
۱۰. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۷۰.    
۱۱. هود/سورة ۱۱، الآية ۸۷.    
۱۲. الوسائل، ج ۸، ص۷۸، ب ۶ من صلاة الاستخارة، ح ۱.   
۱۳. مفتاح الكرامة، ج۳، ص۲۷۵.
۱۴. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۷۰.    
۱۵. الكافي، ج۲، ص۶۲۹، ح ۷.    
۱۶. الوسائل، ج۶، ص۲۳۳، ب ۳۸ من قراءة القرآن، ح ۲.    
۱۷. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۱۶.    
۱۸. الوافي، ج۵، ص۱۴۱۷.
۱۹. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۷۰- ۱۷۱.    
۲۰. معجم رجال الحديث، ج۹، ص۳۵۴- ۳۵۶.    
۲۱. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۷۰-۱۷۱.    
۲۲. فتح الأبواب، ج۱، ص۲۷۷.
۲۳. فتح الأبواب، ج۱، ص۲۷۸.
۲۴. فتح الأبواب، ج۱، ص۲۷۸.
۲۵. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۷۲.    
۲۶. جواهر الكلام، ج۱۲، ص۱۷۲.    


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۲۷۶-۲۸۰.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار