حكم تجاوز الدم عن العشرة
(و) أمّا (مع تجاوزه عن العشرة ترجع ذات العادة إليها) مطلقاً وقتية وعددية كانت، أو الأوّل خاصة، أو بالعكس؛ لكنها في الأخيرتين ترجع إلى أحكام المضطربة في الذي لم يتحقق لها عادة فيه، فتجعل ما يوافقها خاصة حيضاً مع عدم التميز المخالف اتفاقاً نصًّا وفتوىً، ومطلقاً على الأشهر الأظهر، كما سيأتي إن شاء اللّه.
(والمبتدأة) بفتح الدال وكسرها، وهي من لم يستقر لها عادة، أمّا لابتدائها كما يستفاد من المعتبرة كرواية يونس الطويلة
[۱] [۲] [۳] وموثقتي ابن بكير
[۴] [۵] [۶] وسماعة؛
[۷] [۸] [۹] أو بعده مع اختلافه عدداً ووقتاً كما قيل.
[۱۰] ولم أقف له على دليل.
(والمضطربة) وهي من نسيت عادتها وقتاً أو عدداً أو معاً؛ وربما اُطلقت على ذلك وعلى من تكرّر لها الدم مع عدم استقرار العادة. وتخص المبتدأة على هذا التفسير بمن رأته أول مرّة. وعن المشهور الأوّل.
[۱۱] وتظهر فائدة الاختلاف في رجوع ذات القسم الثاني من المبتدأة إلى عادة أهلها وعدمه .
وكيف كان : هما ترجعان أوّلا (إلى التميز) كما قطع به الشيخ وجماعة،
[۱۲] [۱۳] [۱۴] [۱۵] بل عن المعتبر والمنتهى : الإجماع عليه فيهما
[۱۶] [۱۷] وعن صريح الخلاف والتذكرة : الإجماع في المبتدأة
[۱۸] [۱۹] للعمومات الدالة على اعتبار الصفات والنصوص، منها الصحيح : عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري أحيض هو أو غيره، فقال لها : «إنّ دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع وحرارة، ودم الاستحاضة بارد أصفر، فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة».
[۲۰] [۲۱] [۲۲]
وليس في ظاهره كغيره اختصاص الحكم بالرجوع إلى التميز في حق المضطربة دون المبتدأة، بل يعمّهما.
نعم : ظاهر مرسلة يونس الطويلة الاختصاص بها دونها. لكنها لا تبلغ قوةً لمعارضة العمومات القوية الدلالة بالتعليلات الواردة فيها مثل إنّه : «ليس به خفاء»
[۲۳] [۲۴] [۲۵] وغيره الوارد مناطا للرجوع إلى الصفات منها الصحيح المزبور، والإجماعات المستفيضة المعتضدة بالشهرة وعدم ظهور مخالف. فيخص الروايات في رجوعها إلى أهلها بقول مطلق بها، وتحمل المرسلة على أنّ مبنى ذلك على ندور الاختلاف في دم المبتدأة لغلبة دمها، كما يشعر به ما ورد من جعلها الحيض في الدور الأول عشرة أيّام.
[۲۶] فتأمل.
ما يحصل به التميز [تعديل]
•
ما يحصل به تميز دم الحيض ، ويحصل التميز باُمور : الأوّل : الاختلاف في الصفات المتقدمة، الثاني: كون ما بصفة الحيض غير قاصر عن الثلاثة،الثالث : عدم قصور الضعيف المحكوم بكونه طهراً أو مع النقاء المتخلل عن أقلّه،الرابع : التجاوز عن العشرة، الخامس : عدم المعارضة بالعادة.
رجوع المبتدأة مع فقد التميز الي عادة أهلها [تعديل]
(ومع فقده) أي التميز بفقد أحد شروطه (ترجع المبتدأة) خاصة بالمعنى الأول كما عرفت (إلى عادة أهلها) من أمّها وعشيرتها من أيّ الأبوين كنّ، وفاقا للمشهور للخبر ـ المنجبر ضعفه بجميع جهاته بالشهرة والإجماع من الأصحاب على العمل بمضمونه كما عن الخلاف
[۲۷] (وغيره)
[۲۸] ـ وفيه : عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر، قال : «قرؤها مثل قرء نسائها».
[۲۹] [۳۰] [۳۱] [۳۲]
وفي الموثق : «المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها».
[۳۳] [۳۴] [۳۵]
وفي آخر : «النفساء إن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست مثل أيام اُمها أو اُختها أو خالتها واستظهرت بثلثي ذلك».
[۳۶] [۳۷]
ولا دلالة فيهما على المطلوب بوجه؛ لشمولهما المضطربة، ودلالتهما على الاكتفاء ببعض النسوة ولو كانت واحدة، ولا قائل بشيء من ذلك.
أمّا الثاني فظاهر، لتخصيص من جوّز الرجوع إلى البعض إياه بالأغلب.
وأمّا الأوّل فلإيجاب من جوّز رجوع المضطربة إلى النسوة الرجوع إلى الجميع ولم يجوّز الاقتصار بواحدة.
نعم : يمكن إرجاعهما إلى ما عليه الأصحاب بدفع الأول بتقييدهما بالمبتدأة، والثاني بانحصار النسوة في البعض أو عدم التمكن من استعلام حال الباقيات للتشتّت. فتأمّل.
وظاهر المرسل الطويل
[۳۸] رجوع المبتدأة إلى العدد خاصة مطلقاً. لكن احتمل الشهيد ; في قوله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ لحمنة بنت جحش : «تلجّمي وتحيّضي في كلّ شهر في علم اللّه ستّة أيام أو سبعة أيام» أن يكون المعنى : فيما علّمك اللّه تعالى من عادات النساء فإنّه الغالب عليهنّ.
[۳۹] وهو بعيد.
والجواب بعدم المكافأة لما تقدم، أو تقييده به أولى.
وفي اعتبار اتحاد البلد ـ كما عن الشهيد ـ
[۴۰] وعدمه وجهان : من عموم النص، وعدم تبادر غير المتحدة منه. ولعلّ الأول أولى لعدم اعتبار مثل هذا التبادر في العموم الوضعي المستفاد هنا من الإضافة مع عدم سبق معهود. فتأمل.
وخلاف الحلبيين
[۴۱] [۴۲] في المسألة ـ كما عرفت ـ ضعيف لا مستند له. كخلاف النهاية وتردده بين احتمال الردّ إلى أقل الحيض لتيقنه ومشكوكية الزائد عليه ولا يترك اليقين إلّا بيقين أو بأمارة ظاهرة كالتميز والعادة، والردّ إلى الأكثر لإمكان حيضيته ولغلبة كثرة الدم في المبتدأة.
[۴۳] وإن هما إلّا اجتهاد في مقابلة النص المعتبر.
(و) ظاهر جماعة جواز الرجوع هنا إلى (أقرانها) وذوات أسنانها أيضاً، إمّا مطلقاً كما هنا وعن التخليص،
[۴۴] عاطفين لهنّ على الأقارب بأو، أو مع فقد الأقارب خاصة مطلقا كما عن المهذّب والتحرير والتبصرة وجمل الشيخ واقتصاده والسرائر،
[۴۵] [۴۶] [۴۷] [۴۸] [۴۹] [۵۰] أو مقيداً باتحاد البلد كما عن الوسيلة،
[۵۱] أو مع اختلافهن أيضاً مطلقاً كما في القواعد وعن الإرشاد ونهاية الإحكام،
[۵۲] [۵۳] [۵۴] أو مقيداً باتحاد البلد كما عن المبسوط والإصباح.
[۵۵] [۵۶]
ولا دليل عليه من أصله، عدا أمر اعتباري لا يصلح دليلاً.
والاستدلال عليه بلفظ «نسائها» في الخبر المتقدم ـ بناءً على كفاية أدنى الملابسة في صدق الإضافة، وهي تحصل بالمشاكلة في السن واتحاد البلد غالبا ـ لا يخلو عن نظر لعدم التبادر. ويضعّف بما تقدّم.
وعدم القول بالاكتفاء باتحاد البلد أو السنّ لا يوجب وهن الخبر بعد شمول إطلاقه الاكتفاء بأحدهما، كيف لا؟! والعام المخصّص حجّة في الباقي.
فقول المصنف لا يخلو عن قوة، لا سيّما مع اشتهاره بين الأصحاب.
ويؤيده المرسل : «إنّ المرأة أوّل ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم، فيكون حيضها عشرة أيام، فلا تزال كلّما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام».
[۵۷] [۵۸] [۵۹]
وهو ـ كما ترى ـ دالّ على توزيع الأيّام على الأعمار غالباً.
إلّا أنّ الأحوط الرجوع إلى الأقارب، ثمَّ مع الفقد أو الاختلاف إلى الأقران. ولا يعتبر فيهن جميعهن، بل يكفي من كانت من بلدها ممّن يمكنها استعلام حالها، لاستحالة الرجوع إلى الجميع.
ويظهر من المصنف في الشرائع نوع تردد في الرجوع إليهنّ،
[۶۰] بل صرّح في المعتبر بالمنع منه،
[۶۱] وتبعه في المنتهى.
[۶۲] وهو مشكل.
(فإن لم يكنّ أو كنّ مختلفات) مطلقاً وإن اتفق الأغلب منهنّ، وفاقاً لنهاية الإحكام والمعتبر
[۶۳] [۶۴] تبعاً لظاهر الخبر، خلافا للذكرى،
[۶۵] ولا دليل عليه، وما تقدم من الموثقين لا يقول بإطلاقهما.
وحينئذ (رجعت هي) أي المبتدأة (والمضطربة) وقتاً وعدداً وتسمى بالمتحيرة بعد فقدها التميز (إلى) الأيام التي في (الروايات وهي ستة) في كل شهر (أو سبعة) كما في مرسلة يونس ـ الطويلة ـ التي هي كالصحيحة ـ بل قيل : صحيحة، لعدم تحقق الإرسال بمثل غير واحد، مضافاً إلى كون المرسل مع وثاقته ممن أجمعت العصابة ـ من قوله عليه السلام للمبتدأة : «تحيّضي في كل شهر ستة أيام أو سبعة، ثمَّ اغتسلي وصومي ثلاثة وعشرين يوماً أو أربعة وعشرين يوماً».
وقول الصادق عليه السلام: «وهذه سنّة التي استمر بها الدم، أول ما تراه أقصى وقتها سبع وأقصى طهرها ثلاث وعشرون».
وقوله عليه السلام: «وإن لم يكن لها أيام قبل ذلك واستحاضت أول ما رأت فوقتها سبع وطهرها ثلاث وعشرون».
وقوله عليه السلامفي المضطربة الفاقدة للتميز : «فسنّتها السبع والثلاث والعشرون».
[۶۶] [۶۷] [۶۸]
واستفادة التخيير بين العددين في المرأتين منها مشكل لتخصيص المضطربة فيها بالعدد الأخير، مع احتمال مشاركة صاحبتها لها في ذلك ـ وإن وقع الترديد بينهما في حقّها ـ بناء على التصريح فيه أخيرا بعد الترديد بكون الثلاث والعشرين أقصى مدّة طهرها، ولو جاز الاقتصار على الست لما كان ذلك أقصى بل الأربع والعشرين. فتأمل.
ولا ينافيه الترديد أوّلا؛ لاحتمال كونه من الراوي. ولذا عيّن السبع في القواعد،
[۶۹] وحكي عن الأكثر
[۷۰] فهو الأقوى.
فظهر به ضعف ما في المتن من التخيير كما عن التحرير ونهاية الأحكام والتذكرة والخلاف،
[۷۱] [۷۲] [۷۳] [۷۴] نعم : فيه الإجماع على روايته، كما أنّ في سابقة دعوى مشهوريته. ولا ريب أنّ اختيار السبع أولى لاتفاقهم على جوازه.
(أو) تتحيّضان (ثلاثة من شهر وعشرة من آخر) في جميع الأدوار؛ للموثق : «إذا رأت الدم في أوّل حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيّام ثمَّ تصلّي عشرين يوماً، فإن استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلّت سبعة وعشرين يوماً».
[۷۵] [۷۶] [۷۷]
وعن الخلاف الإجماع على روايته.
[۷۸] ومثله في آخر .
وليس فيهما ـ مع اختصاصهما بالمبتدأة ـ دلالة على التحيض بذلك في جميع الأدوار، بل ظاهرهما الاختصاص بالدور الأول، ومع ذلك تضمّنا تقديم العشرة، ولم أر عاملاً بهما سوى الإسكافي على ما حكاه بعض،
[۷۹] وربما حكي عنه القول بتعين الثلاثة مطلقا.
[۸۰]
فالرواية حينئذ شاذة، فالاستدلال بها لذلك والقول بالتخيير بينها وبين ما تقدم للجمع بينها وبين ما مرّ ضعيف. مضافاً إلى عدم تكافئهما للأوّل، وعلى تقدير التكافؤ فهو فرع وجود شاهد عليه، وليس، فيبطل. فتأمل. فالقول بالأوّل متعيّن ولا تخيير.
وعن الصدوق والمرتضى
[۸۱] في المبتدأة : أنها تتحيّض في كل شهر بثلاثة إلى عشرة؛ لمضمرة سماعة : «فإن كان نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقلّه ثلاثة أيام».
[۸۲] [۸۳] [۸۴] [۸۵]
وما في بعض المعتبرة : عن المستحاضة كيف تصنع؟ فقال : «أقلّ الحيض ثلاثة وأكثره عشرة وتجمع بين الصلاتين».
[۸۶] [۸۷] [۸۸]
وفي التمسك بهما ـ مع أعمية الثاني ـ في مقابل المرسل المتقدم المعتضد بالشهرة والإجماع المحكي إشكال، وإن تأيّدا باختلاف الأخبار في التحديد.
وعن النهاية : الموافقة للمتن في المبتدأة،
[۸۹] لما مرّ، والمخالفة له ـ كغيره كالصدوق في الفقيه والمقنع وهو في الاستبصار
[۹۰] [۹۱] [۹۲] أيضاً على احتمال ـ في المضطربة، فحكما بأنها تترك الصوم والصلاة كلّما رأت الدم وتفعلهما كلّما رأت الطهر إلى أن ترجع إلى حال الصحة أي تعرف عادتها.
للموثق : عن المرأة ترى الدم خمسة أيام والطهر خمسة وترى الدم أربعة أيام والطهر ستة أيام، فقال : «إن رأت الدم لم تصل، وإن رأت الطهر صلّت ما بينها وبين ثلاثين يوماً، فإذا تمت ثلاثون فرأت دما صبيبا اغتسلت واستثفرت واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة، فإذا رأت صفرة توضأت»
[۹۳] [۹۴] [۹۵] ومثله الآخر.
[۹۶] [۹۷] [۹۸]
وهما ـ مع قصورهما عن المعارضة لما دلّ على عدم قصور أقل الطهر عن عشرة من وجوه عديدة، وخصوص المرسلة المتقدمة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون اتفاق الطائفة ـ لا اختصاص لهما بالمضطربة، بل يعمان المبتدأة؛ مع اختصاص الحكم فيهما بالشهر الأول ولم يقل به الشيخ في النهاية. فطرحهما رأسا متعيّن والرجوع إلى المرسل لازم.
وهنا أقوال أخر متشتتة :
كالمنقول عن الجامع : من تحيّض كل منهما بسبعة أو ثلاثة عملا بالرواية واليقين.
[۹۹]
والمنقول عن الاقتصاد : من تحيّض المضطربة بسبعة في كل شهر، أو بثلاثة في الشهر الأول وعشرة في الثاني، والمبتدأة بسبعة خاصة.
[۱۰۰]
وعن الخلاف والجمل والعقود والمهذّب والإصباح : العكس.
[۱۰۱] [۱۰۲] [۱۰۳] [۱۰۴] لكن في الخلاف تحيّض المبتدأة بستة أو سبعة أو بثلاثة وعشرة.
والمنقول عن المبسوط وابن حمزة : من القطع بتخير المبتدأة بين السبعة أو الثلاثة والعشرة، وإيجاب العمل بالاحتياط في (المتحيرة بأن تجمع بين عملي
الحيض والاستحاضة.
[۱۰۵] [۱۰۶]
والمنقول عن موضع آخر من المبسوط والغنية : من جعل عشرة طهراً وعشرة حيضاً.
[۱۰۷] [۱۰۸]
والمنقول عن موضع آخر منه : من رجوع المبتدأة إلى ما حكم به في النهاية تبعا للصدوق في المضطربة مدعيا عليه رواية.
[۱۰۹]
والمنقول عن المصنف في المعتبر : من التحيض بالمتيقن، استظهاراً وعملاً بالأصل في لزوم العبادة.
[۱۱۰]
إلى غير ذلك من الأقوال. وليس على شيء منها دليل يعتدّ به لا سيّما في مقابلة ما تقدّم مع ما في بعضها من لزوم العسر والحرج المنفيين إجماعاً ونصاً آية
[۱۱۱] [۱۱۲] ورواية؛
[۱۱۳] [۱۱۴] [۱۱۵] [۱۱۶] مع ما عن البيان وفي الروضة : من أن ذلك ليس مذهباً لنا..
[۱۱۷] [۱۱۸]
فالقول بالرجوع إلى السبع مطلقاً أقوى، كما عن الجمل.
[۱۱۹]
وحيثما خيّرت كان التعيين إليها، إلّا إذا اختارت العدد الذي اختارته ، أو تعيّن عليها في أواسط الشهر أو أواخره الذي رأت الدم فيه فهل لها ذلك أم لا بل يتعين جعل أول ما رأته حيضاً وجهان :
أحدهما : نعم، وحكي عن المعتبر والإصباح والمنتهى والتحرير؛
[۱۲۰] [۱۲۱] [۱۲۲] [۱۲۳] للعموم، وعدم إمكان الترجيح.
والآخر : لا، كما عن التذكرة وظاهر المبسوط والجواهر؛
[۱۲۴] [۱۲۵] [۱۲۶] [۱۲۷] للمرسل : «عدّت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام، ثمَّ هي مستحاضة».
والموثق : «تركت الصلاة عشرة أيام ثمَّ تصلّي عشرين يوماً».
[۱۲۸] [۱۲۹] [۱۳۰]
والمرسل الطويل : «تحيّضي في كل شهر في علم اللّه تعالى ستة أيام أو سبعة، ثمَّ اغتسلي وصومي ثلاثة وعشرين يوما أو أربعة وعشرين يوماً».
[۱۳۱] [۱۳۲] [۱۳۳]
ولأنّ عليها أوّل ما ترى الدم واحتمل حيضيته أن تتحيض به للقاعدة المسلّمة : كلّ ما يمكن أن يكون حيضاً إلى أن يتجاوز العشرة. ثمَّ لا وجه لرجوعها عن ذلك وتركها العبادة فيما بعد وقضائها لما تركته من الصلاة.
واختيار هذا القول أحوط وأولى.
ثمَّ الظاهر موافقة الشهر الثاني لمتلوه، خلافاً للروضة فأوجب عليها فيه الأخذ بما يوافق الشهر الأول في الوقت.
[۱۳۴] ودليله غير واضح.
وهذا إذا نسيت المضطربة الوقت والعدد معا.
أمّا لو نسيت أحدهما خاصة وفقدت التميز :
فإن كان الوقت : أخذت العدد كالروايات ، مع أولوية اختيارها الأول.
أو العدد : جعلت ما تيقنت من الوقت حيضاً أوّلاً أو آخراً أو ما بينهما وأكملته بالسبع أو إحدى الروايات مطلقاً على وجه يطابق.
فإن ذكرت أوّله أكملته ثلاثة متيقنة وأكملته بعدد مروي سبع أو غيره. أو آخره تحيضت بيومين قبله وقبلهما تمام الرواية سبعاً أو غيره. أو وسطه المحفوف بمتساويين وأنه يوم حفّته بيومين واختارت السبع لتطابق الوسط ، أو يومان حفتهما بمثلهما فتيقنت أربعة واختارت هنا الستة مع احتماله الثمانية بل والعشرة ، بناءً على تعين السبع وإمكان كون الثامن والعاشر حيضاً ، فتجعل قبل المتيقن يوما أو يومين أو ثلاثة وبعده كذلك. أو الوسط بمعنى الأثناء مطلقاً حفته بيومين متيقنة وأكملت السبع أو إحدى الروايات متقدمة أو متأخرة أو بالتفريق ، ولا فرق هنا بين تيقن يوم وأزيد.
ولو ذكرت عدداً في الجملة ، كما لو ذكرت ثلاثة مثلاً في وقت لم تجزم بكونها جميع العادة ولا بعضها ولا أوّلها ولا آخرها ، فهو المتيقن خاصة ، وأكملته بإحدى الروايات قبله أو بعده أو بالتفريق.
كلّ ذلك إمّا لعموم أدلّتي الاعتبار بالعادة والرجوع إلى الروايات ، أو لعدم القول بالفصل. فتدبّر.
( و ) إنما ( تثبت العادة ) بأقسامها عندنا وأكثر العامة ( باستواء شهرين ) متواليين ، أو غيرهما مع عدم التحيض في البين ( في أيام رؤية الدم ) فتتحيّض بمجرد رؤيته في الثالث ، وترجع عند التجاوز عن العشرة إليها ، فتجعل العدد والوقت فيه كهما فيهما إن تساويا فيهما ، وإلّا فلتأخذ بما تساويا فيه وتراعي في غير المتساوي حكم المبتدأة أو المضطربة ؛ وذلك لإطلاق أخبار العادة بل وعموم بعضها الصادق بذلك، وخصوص المعتبرين منهما الموثق : «إذا اتفق شهران عدّة أيام سواء فتلك عادتها»
[۱۳۵] [۱۳۶] [۱۳۷] [۱۳۸] مضافاً إلى الإجماع.
وفي اشتراط استقرار الطهر بتكرره مرتين متساويتين في استقرار العادة عدداً ووقتا قولان. الأقوى : العدم للأصل، وظاهر الخبرين، وفاقاً للعلّامة والروض.
[۱۳۹] [۱۴۰] [۱۴۱] وخلافا للذكرى فلا وقتية إلّا به.
[۱۴۲]
وتظهر الفائدة في الجلوس لرؤية الدم في الثالث لو تغاير الوقت فيه، فتجلس على المختار بمجردها، وعلى غيره بمضيّ ثلاثة أو حضور الوقت، ولا فرق فيه بين التقدم والتأخر. نعم في الأخير ربما قطع بالحيضية فتجلس برؤيته فلا ثمرة هنا بل تنحصر في الأوّل.
(ولا تثبت) برؤية الدم مرّة (في الشهر الواحد) إجماعا، خلافا لبعض العامة.
[۱۴۳] [۱۴۴]
وكذا برؤيته فيه مرارا متساوية بينها أقل الطهر على قول تمسكا بظاهر الخبرين المعتبرين في تحققها الشهرين.
والأصح حصولها بذلك، كما عن المبسوط والخلاف والمعتبر والذكرى والروض
[۱۴۵] [۱۴۶] [۱۴۷] [۱۴۸] [۱۴۹] عملا بإطلاق أخبار العادة الصادق بذلك، وتنزيلا لهما على الغالب، فلا عبرة بمفهومهما. ولذا يحكم بحصول العادة برؤية الدمين المتساويين فيما يزيد على شهرين، وورود مثله فيه مع عموم بعضها غير معلوم.
فلا يعتبر تعدد الشهر الهلالي بل يكفي تعدد الحيضي. والمراد به ما يمكن أن يعرض فيه حيض وطهر صحيحان، وهو ثلاثة عشر يوماً.
ومما ذكرنا من الإطلاق يظهر وجه حصول العادة بالتميز مع استمرار الدم الشهرين أو الأشهرُ.
(ولو رأت في أيام العادة صفرة أو كدرة، وقبلها أو بعدها) أيضاً لكن (بصفة الحيض) وشرائطه (وتجاوز) المجموع (العشرة، فالترجيح للعادة) كما عن الجمل والعقود وجمل العلم والعمل والشرائع والجامع والمعتبر والكافي وموضع من المبسوط وظاهر الاقتصاد والسرائر،
[۱۵۰] [۱۵۱] [۱۵۲] [۱۵۳] [۱۵۴] [۱۵۵] [۱۵۶] [۱۵۷] [۱۵۸] وعن التذكرة والذكرى وغيرهما
[۱۵۹] [۱۶۰] [۱۶۱] [۱۶۲] : أنه المشهور. وهو كذلك.
وهو الأصح؛ عملاً بعموم أخبار العادة والعمل فيما عداها بالاستحاضة، وقولهم : : «إنّ الصفرة في أيام الحيض حيض»
[۱۶۳] [۱۶۴] واختصاص أخبار التميز بغير ذات العادة، مع وقوع التصريح باشتراط فقدها في الرجوع إليه في المعتبرة منها، كالمرسلة الطويلة، وفيها بعد الحكم بأن الصفرة في أيام الحيض حيض : «وإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت حينئذ إلى النظر إلى إقبال الدم وإدباره».
[۱۶۵] [۱۶۶] [۱۶۷]
وعلى تقدير تساوي العمومين فالترجيح للأول؛ للشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، لرجوع الخصم عن المخالفة في باقي كتبه. مع كون العادة أفيد للظن لاطرادها إجماعاً، بخلاف التميز لتخلفها إجماعاً ونصوصاً.
(وفيه قول آخر) بترجيح التميز لأخباره، كما نسب إلى النهاية والمبسوط والاصباح.
[۱۶۸] [۱۶۹] [۱۷۰] وظهر ضعفه. ومع ذلك فقد قوّى المختار في الكتب المزبورة بعد الحكم بتقديمه. وكذا القول بالتخيير، كما عزي إلى ابن حمزة.
[۱۷۱]
ولا فرق في العادة بين الحاصلة بالأخذ والانقطاع والحاصلة بالتميز؛ للعموم. وتبادر الأوّل دون الثاني بعد تسليمه غير مجد في مثله، لكونه لغوياً لا عرفياً يجري فيه ذلك. فالقول بترجيح التميز عليها حينئذ ـ كما ينسب إلى بعض
[۱۷۲] ـ لعدم مزية الفرع على أصله ضعيف.
ثمَّ إن محل الخلاف اتصال الدمين أو انفصالهما مع عدم تخلل أقل الطهر وتجاوزهما العشرة. أمّا مع الانفصال والتخلل وكذا مع عدم الأول وفقد التجاوز فالأقوى الرجوع إلى العادة هنا؛ لعموم أخباره، مع عدم معلومية شمول أدلة إمكان الحيض لمثل المقام. إلّا أن يتم الإجماع المنقول في الصورة الثانية.
فالقول بجعل الدمين حيضين في الصورة الاُولى وحيضاً في الثانية ـ كما نسب إلى جماعة من المتأخرين
[۱۷۳] ـ لعموم الأدلة مشكل؛ لما عرفت، مضافاً إلى المرسلة المشترطة في الرجوع إلى التميز فقد العادة. لكن ما ذكروه لا يخلو عن قوّة سيّما في الصورة الثانية، لما ستعرفه.
(وتترك ذات العادة) الوقتية مطلقاً (الصلاة والصوم برؤية الدم) مطلقاً إذا كانت في إيامها إجماعاً، كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة،
[۱۷۴] [۱۷۵] [۱۷۶] ونصوصاً عموماً وخصوصاً.
وكذا برؤيته قُبيلها أو بُعيدها مطلقاً ولو كان المرئي بصفة الاستحاضة، على الأظهر الأشهر، بل قيل : إنه إجماع،
[۱۷۷] لأصالة عدم الآفة والخروج عن الخلقة، ولعموم الأخبار المستفيضة في تحيّض المرأة بمجرد الرؤية كما سيأتي في حكم المبتدأة، وخصوص الأخبار الدالة على أن المرئي قبل الحيض حيض.
منها الموثق : عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها، قال : «فلتدع الصلاة فإنه ربما يعجّل بها الوقت».
[۱۷۸] [۱۷۹] [۱۸۰]
وهي مع ما سيأتي حجة على من يدعي إلحاق هذه الصورة بالمبتدأة مطلقاً، فأوجب فيه الاستظهار على تقدير وجوبه في المبتدأة.
كما أن المعتبرة المستفيضة الناطقة بأن الصفرة المرئية قبل الحيض بيومين منه، كالموثقين،
[۱۸۱] [۱۸۲] [۱۸۳] [۱۸۴] [۱۸۵] [۱۸۶] في أحدهما : «ما كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض» الحديث. ومثلهما رواية اُخرى.
[۱۸۷] [۱۸۸] [۱۸۹] والرضوي : «والصفرة قبل الحيض حيض»
[۱۹۰] [۱۹۱] حجة على من خصّ المختار بصورة اتصاف الدم المتقدم أو المتأخر بصفة الحيض.
وهي وإن اشتركت في الدلالة على أن الصفرة بعد الحيض ليس منه، لكنها ـ مع مخالفتها الإجماع البسيط أو المركب والأخبار الآتية في الاستظهار ـ محمولة على رؤيتها بعد انقضاء أيام العادة بيومين. وفي القوي : «إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيامها لم تصلّ، وإن رأت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلّت»
[۱۹۲] [۱۹۳] فتأمل.
هذا، مع ما فيهما ولا سيّما الأوّل من العسر والحرج المنفيّين.
(وفي) تحيّض (المبتدأة) مطلقاً (والمضطربة) بمجرد الرؤية كذات العادة (تردد) ينشأ من الأصل المتقدم، والقاعدة المتفق عليها من أنّ ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض، وعموم النصوص المعتبرة المستفيضة في التحيّض بمجرد الرؤية الناشئ من ترك الاستفصال في أكثرها، كالموثق : «المرأة ترى الدم أول النهار في رمضان تصوم أو تفطر؟» قال : «تفطر، إنما فطرها من الدم»
[۱۹۴] [۱۹۵] ومثله الموثقات المستفيضة.
وفي الصحيح : «أيّ ساعة رأت الدم فهي تفطر، الصائمة..».
[۱۹۶] [۱۹۷] [۱۹۸]
وخصوص بعض النصوص، كالموثق : «إذا رأت الدم في أول حيضها واستمرت تركت الصلاة عشرة أيام ثمَّ تصلي عشرين».
[۱۹۹] [۲۰۰] [۲۰۱]
وأوضح منه دلالة مماثله في السند : في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة «إنها تنتظر بالصلاة، فلا تصلي حتى يمضي أكثر ما يكون من الحيض، فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة».
[۲۰۲] [۲۰۳] [۲۰۴]
ومثله أيضاً الموثق : عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة، يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء، قال : «فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة».
[۲۰۵] [۲۰۶] [۲۰۷]والمناقشة في الأخبار الأخيرة بالتدبر فيها مدفوعة.
مضافاً إلى عموم أخبار التميز فيما اتصف بصفة الحيض، ويتم الغير المتصف بها بعدم القول بالفصل، فإنّ محل النزاع أعم، وليس كما توهم من الاختصاص بالأول.
ومن أصالة اشتغال الذمة بالعبادة إلّا مع تيقن المسقط، ولا مسقط كذلك إلّا بمضيّ ثلاثة.
وفيه ـ بعد تماميته ـ : معارضة بالأصل المتقدم، وبعد التساقط يبقى ما عداه ممّا تقدم سليماً من المعارض. وبعد تسليم فقد المعارض المزبور يكون ما عداه ممّا مرّ مخصصا لها، والظن الحاصل منه قائم مقام اليقين كقيام غيره مقامه. وهو مسلّم عنده، وإلّا لما حصل تيقن المسقط بمضيّ الثلاثة أيضا لجواز رؤيتها الأسود المتجاوز عن العشرة فيكون هو الحيض دونها. والتمسك في نفيه بالأصل غير مورث لليقين، بل غايته الظن، وهو حاصل بما تقدم من الأدلة على التحيض بمجرد الرؤية.
فالأصح الأول، وفاقاً للشيخ وغيره،
[۲۰۸] [۲۰۹] [۲۱۰] [۲۱۱] وهو المشهور. خلافاً للمرتضى ومن تبعه،
[۲۱۲] [۲۱۳] [۲۱۴] ومنهم الماتن في غير الكتاب صريحاً،
[۲۱۵] [۲۱۶] وفيه احتياطاً.
(و) لكن لا يبعد كون (الاحتياط للعبادة) وامتثال التروك بمجرد الرؤية (أولى حتى يتيقن الحيض) بمضيّ الثلاثة.
وهنا قولان آخران هما بمحل من الشذوذ.
ثمَّ إن المبتدأة إذا انقطع دمها لدون العشرة تستبرئ وجوباً ـ كما عن ظاهر الأكثر،
[۲۱۷] بل قيل : إنّه لا خلاف،
[۲۱۸] وعن الاقتصاد التعبير عنه بلفظ «ينبغي» الظاهر في الاستحباب
[۲۱۹] ولأجله احتمل الخلاف ـ بوضع القطنة مطلقاً على الأصح، وفاقاً لجماعة
[۲۲۰] [۲۲۱] عملا بإطلاق الصحيح،
[۲۲۲] [۲۲۳] [۲۲۴] والتفاتاً إلى اختلاف غيره في الكيفية، ففي رواية
[۲۲۵] [۲۲۶] [۲۲۷] والرضوي
[۲۲۸] [۲۲۹] : قيامها وإلصاق بطنها إلى الحائط ورفع رجلها اليسرى، وفي اُخرى مرسلة بدل اليسرى اليمنى،
[۲۳۰] [۲۳۱] مع قصورها ـ كالموثق المطلق في وضع الرجل
[۲۳۲] [۲۳۳] ـ عن المقاومة للصحيح سنداً واعتباراً، فحملها على الاستحباب متعين مسامحة في أدلّته.
فإن خرجت نقية طهرت، فلتغتسل من دون استظهار، كما عن الأصحاب، وعليه الأخبار. ولا وجه للقول به هنا مطلقاً كما عن السرائر وتوهّمه الشهيدان من المختلف،
[۲۳۴] [۲۳۵] [۲۳۶] أو مع ظن العود كما عن الدروس.
[۲۳۷]
وإلّا احتمل الحيض وإن لم يظهر عليها إلّا ضد صفته، كما عن صريح سلّار،
[۲۳۸] ومحتمل المقتصر على ظهور الدم عليها كالشيخين والقاضي والعلّامة في التذكرة.
[۲۳۹] [۲۴۰] [۲۴۱] [۲۴۲] فعليها الصبر إلى النقاء أو مضي العشرة للإجماع المحكي
[۲۴۳] والموثق : «فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة»
[۲۴۴] [۲۴۵] وقريب منه موثقتا ابن بكير.
[۲۴۶] [۲۴۷] [۲۴۸] [۲۴۹] [۲۵۰] [۲۵۱]
(و) مثلها في وجوب الاستبراء (ذات العادة) العددية مطلقاً مع انقطاع دمها عليها فيما دون (ومع) استمرار (الدم) وتجاوزه عنها (تستظهر) وتحتاط بترك العبادة مطلقاً كما هو ظاهر الفتاوي، أو مع عدم استقامة الحيض كما في الصحيح
[۲۵۲] [۲۵۳] ويومئ إليه الخبر.
[۲۵۴] [۲۵۵]وجوباً كما عن ظاهر الأكثر
[۲۵۶] وصريح الاستبصار والسرائر؛
[۲۵۷] [۲۵۸] عملاً بظاهر الأوامر الواردة به في الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة،
[۲۵۹] [۲۶۰] والاحتياط في العبادة فإنّ تركها على الحائض عزيمة، واستصحاب الحالة السابقة.
أو استحباباً كما عن التذكرة وعامة المتأخرين؛
[۲۶۱] [۲۶۲] التفاتاً إلى أخبار الأمر بالرجوع إلى العادة والعمل فيما عداها بالاستحاضة، وأخذاً بظن الانقطاع على العادة وبظاهر لفظ الاحتياط في بعض المعتبرة،
[۲۶۳] [۲۶۴] [۲۶۵] وحملاً للأوامر على الاستحباب جمعاً.
وهو الأقوى، لا لما ذكر، لتصادم الأخبار من الطرفين، وعدم مرجح ظاهر في البين إلّا التقية في الثانية لكونه مذهب أكثر العامة،
[۲۶۶] واختلاف الأدلة في مقادير الاستظهار مع التخيير فيها بينها الظاهر كل منهما في الاستحباب؛ بل للأصل السليم عن المعارض في البين، بناءً على ما عرفت من تصادم الأدلة من الطرفين.
أو جوازاً مطلقاً عارياً عن قيدي الوجوب والاستحباب.
وهو مردود بظاهر الأوامر في الصحاح التي أقلها الاستحباب. ولا يعارض بأوامر الرجوع إلى العادة؛ لورودها في مقام توهم الحظر المفيد للإباحة خاصة. والمناقشة بورود مثله في الأدلة غير مسموعة.
وكيف كان فتستظهر (بعد عادتها بيوم أو يومين) كما هنا وفي الشرائع،
[۲۶۷] وعن النهاية والوسيلة والصدوق والمفيد
[۲۶۸] [۲۶۹] [۲۷۰] [۲۷۱] للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
منها : الصحيح المحكي في المعتبر عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب : «إذا رأت دماً بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين، ثمَّ تمسك قطنة، فإن صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كلّ صلاتين بغسل» الحديث.
[۲۷۲] [۲۷۳]
أو بثلاثة، كما عن السرائر والمعتبر والمنتهى والتذكرة والمقنع،
[۲۷۴] [۲۷۵] [۲۷۶] [۲۷۷] [۲۷۸] إلّا أنه اقتصر عليها خاصة؛ للنصوص المعتبرة، منها الصحيحان
[۲۷۹] [۲۸۰] [۲۸۱] والموثقان،
[۲۸۲] [۲۸۳] [۲۸۴] [۲۸۵] [۲۸۶] [۲۸۷]
وأحدهما ـ كأحد الأولين ـ كالمقنع في الاقتصار عليها.
أو إلى العشرة كما عن السيّد والإسكافي،
[۲۸۸] [۲۸۹] وظاهر المقنعة والجمل،
[۲۹۰] [۲۹۱] وأجازه الماتن في غير الكتاب ولكن احتاط بما فيه،
[۲۹۲] وكذا عن الشهيد إلّا أنه اشترط في البيان ظنها بقاء الحيض.
[۲۹۳]
للموثق : «تنتظر عدتها التي كانت تجلس، ثمَّ تستظهر بعشرة أيام».
[۲۹۴] [۲۹۵] [۲۹۶]
وفي معناه المرسل : «إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة».
[۲۹۷] [۲۹۸] [۲۹۹]
وهما مع قصورهما سنداً وعملاً وعدداً يحتملان الورود مورد الغالب، وهو كون العادة سبعة أو ثمانية، فيتحدان مع الأخبار السابقة. وهو وإن جرى فيها فيخلو ما عدا الغالب عن النص بالاستظهار، إلّا أنّ إلحاقه به بالإجماع المركب كاف في ثبوته فيه؛ والإجماع لا يتم إلّا في الناقص عن الثلاثة، فتبقى هي كالزائد عليها إلى العشرة خالياً من الدليل، فيرجع حينئذ إلى مقتضى الأصل وهو عدم مشروعية الاستظهار.
فتعيّن القول بالأول أو الثاني سيّما مع كثرة القائل بهما، والأول أقرب إلى الترجيح ولكن الثاني غير بعيد.
وغير خفي أنّ الاختلاف بين الأوّلين والثالث إنما هو مع قصور العادة عن العشرة بأزيد من الثلاثة، وبين الأوّلين مع قصورها عنها بها، وإلّا فلا خلاف.
كما لا خلاف في عدم الاستظهار مع استتمامها إياها وتطابقها معها، إذ الاستظهار احتياط عن الحيض المحتمل وليس معه، مع ورود بعض المعتبرة به.
[۳۰۰] [۳۰۱]
(ثمَّ) هي بعد أيام الاستظهار كيف كان (تعمل ما تعمله المستحاضة) وتصبر إلى العشرة إن احتيج إلى الصبر (فإن استمر) وتجاوز العشرة كان ما عدا أيام الاستظهار مطلقا استحاضة، وهي داخلة في الحيض حكمها حكمه، كما يستفاد من النصوص الواردة فيه.
[۳۰۲]
والمشهور دخولها حينئذ في الاستحاضة، فيجب عليها قضاء ما تركته فيها من العبادة.
ولم أفهم المستند، وبه صرّح جماعة.
[۳۰۳] [۳۰۴] [۳۰۵] ولعلّه لهذا الماتن لم يعدل عن ظواهر النصوص، كالمرتضى في المصباح والعلّامة في ظاهر القواعد والنهاية،
[۳۰۶] [۳۰۷] [۳۰۸] حيث استشكل في الأخير وجوب قضاء العبادة، ولم يذكر في الأوّل مع تصريحه فيه بإجزائها ما فعلته، ومن جملته الكفّ عن العبادة، وإجزاؤه كناية عن عدم وجوب قضائها.
(وإلّا) يستمر بأن انقطع على العاشر فما دونه (قضت الصوم) الذي أتت به فيما بعد أيام الاستظهار أيضا (دون الصلاة) التي صلّتها فيه؛ لظهور كون أيام الاستظهار مع ما بعده ـ إن كان ـ حيضاً.
هذا هو المشهور، بل ربما حكي عليه الإجماع.
[۳۰۹]
ولا تساعده الأخبار في المضمار، بل هي في الدلالة على دخول ما بعد الاستظهار في الاستحاضة بقول مطلق ولو مع الانقطاع عليه واضحة المنار.
ولكن قوة احتمال ورودها مورد الغالب توجب ظهورها في الشق الأوّل وهو انتهاء أيام الاستظهار إلى العاشر وانقطاعها عليه.
وعلى هذا يحمل لفظة «أو» على التنويع وبيان ما هو الغالب من الأفراد ـ كما فعله في المنتهى ولو من وجه آخر
[۳۱۰] ـ لا التخيير كما هو المشهور، فلا تشمل حينئذ المقام، وليس في الحكم بتحيّضها الجميع حذر من جهتها.
نعم : فيه الحذر من جهة الأخبار الآمرة بالرجوع إلى العادة وجعلها حيضاً خاصة؛
[۳۱۱] لكنها ـ مع تطرّق الوهن إليها بأخبار الاستظهار إجماعاً ـ معارضة بأدلة «ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض» بالبديهة. ولا ريب في رجحانها بالضرورة؛ لغلبة الظن بالحيضية، والاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون من الإجماع قريبة، مع أنّ الحكاية في نقله صريحة كما مرّت إليه الإشارة.
مضافاً إلى الاعتضاد بإطلاق الحسنة : «إذا رأت المرأة الدم قبل العشرة أيام فهو من الحيضة الاولى، وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة».
[۳۱۲] [۳۱۳] [۳۱۴]
وخصوص المرسلة المنجبر ضعفها بالشهرة وقصور دلالتها بالإجماع المركب من الطائفة، وفيها : «إذا حاضت المرأة وكان حيضها خمسة أيام ثمَّ انقطع الدم اغتسلت وصلّت، فإن رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض تدع الصلاة، فإن رأت الدم أوّل ما رأته الثاني الذي رأته تمام العشرة أيام ودام عليها عدّت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام، ثمَّ هي مستحاضة تعمل ما تعمله المستحاضة».
[۳۱۵] [۳۱۶] [۳۱۷]
وفي ذيلها دلالة أيضاً على ما اخترناه في الشق الأوّل. فتأمّل.
فإذاً الذي اختاره المصنف في المسألة بكلا شقّيها هو الأقرب. ولكن ما عليه المشهور أحوط، بل وعليه العمل.
(وأقلّ الطهر عشرة أيام) لما تقدم في حدّي الحيض.
(ولا حدّ لأكثره) على المشهور، بل بلا خلاف كما عن الغنية.
[۳۱۸]
وعن ظاهر الحلبي تحديده بثلاثة أشهر
[۳۱۹] ، وحمل على الغالب،
[۳۲۰] وعن البيان احتمال أن يكون نظره إلى عدّة المسترابة.
[۳۲۱]
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل، ج۱، ص۲۵۹-